أنه قد ورد في السنة فيما رواه الترمذي -رحمه الله تعالى- عن عائشة رضي الله عنها قالت:(من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً) رواه الترمذي، وقال: هذا أصح شيءٍ في الباب.
ولأنه أستر له -إذا بال قاعداً- وأحفظ له من أن يصيبه شيء من رشاش بوله، ولكن قد ورد في حديثٍ آخر عند البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قومٍ فبال قائماً) والسباطة: موضع الزبالة ورمي القمامة، فكيف نجمع بين هذين الحديثين: أنه لم يبل قائماً، وحديث حذيفة أنه قد بال قائماً؟ الجواب: نقول: إن الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم والأعم الأغلب أنه كان يقضي حاجته قاعداً، ولا شك أن ذلك أمكن وأحسن وأعون على قضاء الحاجة وعلى التطهر منها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بال قائماً مرات قليلة؛ لبيان الجواز، فتكون السنة البول قاعداً، والجواز البول قائماً؛ بشرط أن يكون مستوراً عن الناس، وألا يصيبه رشاش بوله، وألا يرتد عليه، وكثير من الذين يبولون قياماً يحصل من جراء فعلهم رشاشٌ وتلويث لثيابهم، ولذلك إذا كان الإنسان لا يأمن من تلويث ثيابه بالنجاسة إذا بال قائماً فلا يفعل ذلك، أما إذا أمن فإنه يفعل ولا حرج عليه، والشريعة لا تضيق واسعاً، ولله الحمد والمنة.