إن الله قد منَّ عليّ بحب القراءة والشغف فيها، وأقرأ أشياء كثيرة، لكن قد تُطرح مسألة فيما سبق قراءته فلا أستطيع تذكرها مما يؤلمني؟!
الجواب
لا بد من تفريغ وقت للحفظ والترداد، وهذه المسائل التي جمعتها إذا ما عدت إليها وقرأتها مرات فإنها تنسى، والكتاب الذي أنهيتَه، لا تقول: هذا الكتاب أنهيتُه كفى وآخذ كتاباً آخر بل تعود إليه بعد فترة، لتتذكر ما سبق أن قرأته.
السؤال: ما رأيك في شاب مجتهد محب للخير أراد أن ينفع الناس ويدعوهم إلى الله، فأخذ يشرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب في أحد المساجد لعوام الناس، وقد سبق أن درس كتاب التوحيد على أحد الشيوخ، فهل تحث هذا الشاب على المتابعة أم على التوقف؟ الجواب: لا والله، أحثه على المتابعة، ونفع المسلمين، وبالمناسبة، سألت الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله- عن مسألة: هل يصح للشخص الذي لم يدرس علوم الآلة أن يقرأ في كتب العلماء الكبار كـ المغني مثلاً وغيره، وفتح الباري أم أنه لا يصح أن يقرأ في هذا أبداً؟ فقال الشيخ ما مُلَخَّصُه: إذا كان صاحب عقل سليم يقرأ لنفسه فلا بأس بذلك ولا يمكن منعه من هذا، وهذا لا يقرأ لغيره، يقرأ من المغني ليعلم الناس ويشرح لهم، ليس عنده قدره، لكن أن تقول: لا تمدن عينيك إلى كتب العلماء الكبار مطلقاً، ولا في حال من الأحوال، فهذا ليس بصحيح، لا بأس أن يقرأ ويطلع ويبحث إذا كان عنده عقل سليم يستفيد ويفهم كلام العلماء، لكن الحرص على التدرج وعلى المنهجية أيضاً، وإلا لو جاءت له مسألة فقهية، فما وجد بغيته في منار السبيل؟! نقول: ينتقل إلى كتاب آخر ليرى ماذا فيه، يتوسع عند الحاجة، هنا في حاجة، ما وجد بغيته في كتاب مختصر، فيدرس كتاباً مختصراً، عرضت له مسألة، يقول: أنا أسير على منهجية، أي: أقرأ كتاباً مختصراً أولاً، ولا يمكن أن أمد عيني إلى غيره، هذا خطأ، يتوسع ويدرس ويقرأ في غيره، صحيح أنه لا يجعله منهجاً بحيث يحوِّل كل الأشياء إلى أبحاث، من أربعة، وخمسة، أو عشرة كتب، تمثل المذاهب المختلفة، لكن عند الحاجة يتوسع، ولو كان في البداية ما المانع؟! هل من الأفضل للأمة أن كل فرد فيها يتعلم العلم الشرعي، وإذا كان هذا صحيح هل تستطيع الأمة المنافسة والتحدي مع الأمم الأخرى بدون العلوم التجريبية؟ الجواب واضح من السؤال، لا تستطيع الأمة أن تتبحر على أن تتحدى وتصل وتنافس إلا إذا كان فيها من يدخل الصناعات، كيف استعْمَرَنا الغرب؟ لما أدخلوا الصناعة والزراعة والإدارة، وركزوا عليها، فسادوا العالم، لا بد أن يكون من المسلمين من يقوم بهذه الأشياء.