لقد ذكر المؤرخون من قصص الخطيب العظيمة في عفته، أنه كان مرةً بـ مرو فحدثت له القصة التالية: أحد أهل مرو حدَّث بالقصة التالية عن الخطيب: عن شخصٍ اسمه عمر النسوي من نسى وهي بلدة معروفة، قال: كنتُ في جامع صور عند الخطيب، فدخل عليه بعض العلوية، وفي كمه دنانير، وقال للخطيب فلانٌ -من بعض الأغنياء- يسلم عليك ويقول: هذا تصرفه في بعض مهماتك، فقال الخطيب: لا حاجة لي فيه، وقطّب وجهه، فقال العلوي: فتصرفه إلى بعض أصحابك؟ قال: قل له يصرفه هو إلى من يريد.
قال العلوي: كأنك تستقله، ونفض كمه على سجادة الخطيب وطرح الدنانير عليها، وقال هذه ثلاثمائة دينار -والدينار أربعة غرامات وربع من الذهب- ووضعها على السجادة، فقام الخطيب محمر الوجه، وأخذ السجادة ونفض الدنانير على الأرض وخرج من المسجد.
قال: الفضل بن أبي ليلى الذي حضر القصة: لا أنسى عز خروج الخطيب وذل ذلك العلوي وهو قاعدٌ على الأرض يلتقط الدنانير من شقق الحصر ويجمعها، قام وترك له هذه الدنيا، وقام ذلك يجمع الدنانير.