ثانياً: ينبغي أن يكون من نتائج هذه العلاقة: أن يكون شعور المدعو أنك حريص عليه، تحب الخير له، ولذلك تأمل في سير الدعاة القدماء الأولين من الأنبياء والصالحين، هذا نبي يقول لقومه:{إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأعراف:٥٩] وهذا مؤمن آل فرعون يقول لقومه: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر:٣٨] أنا حريص عليكم يا قوم، أنا أريد منفعتكم:{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ}[غافر:٤١]، ثم يقول:{فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا}[غافر:٢٩]{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ}[غافر:٣٠].
فإذاً: عندما يشعر المدعو أنك تريد الخير له فإن هذا مفتاح من مفاتيح استجابته لك، وتأثره بدعوتك إياه، وإيصال الخير إلى الآخرين.
يقتضي أن يذهب الداعية إلى المدعوين، لا أن ينتظرهم كي يأتوا هم، فإنهم قد لا يأتون على الإطلاق، ولا يقولن داعية أبداً: ما جاءني أحد يسأل عن هذا الدين وأنا في انتظار، نقول: اذهب إليهم في أماكنهم، نغشاهم في أعمالهم، في المساجد، في المحافل، في المساكن، في المصانع، في المزارع، في المدارس، في الجامعات وهكذا، وأنت تتذكره صلى الله عليه وسلم في سيرته الذي قال الرواة وأخبروا بأنه كان يذهب إلى أماكن القبائل في المواسم وفي الحج وفي الأسواق يعرض عليهم الدعوة، ويتنقل كما قال الصحابي: كنت مع أبي في الموسم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب إلى القبائل، إلى أماكن تجمعاتهم، ويعرض عليهم الدعوة، يمر عليهم واحدة واحدة، ويكلمهم ويدعوهم إلى لا إله إلا الله، ويقول: يا أيها الناس من يمنعني حتى أبلغ رسالة ربي، ووراءه رجل أحول وضيء يقول لهم: لا تصدقوه إنه كذاب، من هو؟ عمه أبو لهب.
وذهب عليه الصلاة والسلام إلى الطائف فماذا يفعل اليوم بعض المتكاسلين الذين يقولون: نحن ننتظر ونقعد فإذا جاءنا أحد دعوناه، وإذا لم يأت أحد، فالحمد لله نحن في سعة وراحة.