والثامن عشر: أن اتباع الهوى يحل العزائم ويوهنها، ومخالفته تشد العزائم وتقويها، والعزيمة هي مركب العزم إلى الله والدار الآخرة، فمتى تعطل المركوب تعطل المسافر.
قيل لـ يحيى بن معاذ: من أصح الناس عقلاً؟ قال: الغالب لهواه.
ودخل خلف بن خليفة على سليمان بن حبيب بن مهلب وعنده جارية يقال لها البدر من أحسن النساء وجهاً، فقال له سليمان: كيف ترى هذه الجارية؟ فقال: أصلح الله الأمير ما رأت عيناي أحسن منها قط، فقال له: خذ بيدها، فقال: ما كنت لأفجع الأمير بها وقد رأيت شدة إعجابه بها، قال: ويحك خذها على شدة عجبي بها ليعلم هواي أني له غالب.
هذا الأمير كان عاقلاً، قال: خذها على شدة عجبي بها ليعلم هواي أني له غالب فأخذ ذلك بيدها وهو لا يكاد يصدق، أنه وهب هذه الأمة، وخرج وهو يقول:
لقد حباني وأعطاني وفضلني عن غير مسألة منه سليمان
أعطاني البدر قوداً في محاسنها والبدر لم يعطه إنس ولا جان
ولست يوماً بناسٍ فضله أبداً حتى يغيبني لحدٌ وأكفانُ