والإسرار بالذكر أيها الإخوة من علامات الإخلاص:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}[الأعراف:٢٠٥] إلا ما دل الدليل على الجهر به ورفع الصوت، فالأفضل أنك تسره، فلا تسمع الناس إلا في حالات مثل: التلبية، وتعليم الناس، والأذان، والإقامة، يجهر طبعاً، والتكبير في العيدين في الشوارع وهم ذاهبون إلى المسجد يكبرون، وبعد الصلوات يجهر بالذكر، وإن كان في المسألة خلاف بين أهل العلم، لكن دلت الأدلة كما في صحيح البخاري: عن ابن عباس: (كنت أعرف قراءة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير، وكان رفع صوتي بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) لكن انتبهوا لا يحدث ذكراً جماعياً؛ لأنه في بعض البلاد إذا التفت الإمام بعد الصلاة يبدأ الجميع بالأذكار بصوت واحد فهذا بدعة من البدع.
وأيضاً الأذكار التي تقال للناس الآخرين مثل: تهنئة بالزواج، فهذه يجهر فيها، وغير ما ورد فيه الجهر والإسماع للآخرين فإن الإنسان يسر به أفضل (ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي).
واعلموا أيها الإخوة أن الثواب في الأذكار ليس دائماً فيها على قدر المشقة، فهناك أذكار قصيرة لو قورنت بغيرها أطول منها كانت أكبر، والدليل: عن جويرية: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله عدد خلقه، ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) إذاً ليس الثواب دائماً على قدر المشقة، فبعض الأذكار أكثر أجراً من أذكار أخرى مكانها ولو كانت أطول منها.