وقد تعلمنا منهم دروساً في قيامهم بالليل بالقرآن، كالقراء الذين كانوا يصومون بالنهار ويقومون بالليل يقرءون القرآن، حتى مات وقتل عددٌ منهم في سبيل الله، كالسبعين الذي قتلوا في بئر معونة رضي الله عنهم، وكان أبو موسى الأشعري يقوم الليل بالقرآن، فيسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فكأنما أوتي مزماراً من مزامير آل داود؛ والمزمار هو: الصوت الحسن الجميل، وكان عليه الصلاة والسلام يعرف صوت الأشعريين بالليل في قراءة القرآن.
فهم الذين تعلمنا منهم الدروس في تلاوة القرآن، وتحسين الصوت به، والقيام به آناء الليل، وصيام النهار، رضوان الله تعالى عليهم.
وهم الذين تعلمنا منهم الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل، وكيف أن مصعب بن عمير وعبد الله ابن أم مكتوم ذهبا إلى المدينة ليسلم على أيديهما رؤساء الأوس والخزرج، ويفتح مصعب المدينة بالقرآن، ويمهدها للنبي عليه الصلاة والسلام، فلم تفتح المدينة بالسيف، إنما فتحت بالقرآن، إنه القرآن الذي يقرأه الدعاة أمثال مصعب وابن أم مكتوم المرسلين من مكة.