للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من نواقض الإيمان: مظاهرة الكافرين ومناصرتهم على المسلمين]

وكذلك مظاهرة الكافرين ومناصرتهم على المؤمنين، أو الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين لأجل إيمانهم لا لشيء شخصي بينهم وبينه، وإنما يستهزئ بهم لأجل إيمانهم، والتولي والإعراض عن حكم الله وحكم رسوله.

كل هذه الأشياء حصلت من المنافقين، يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} [التوبة:٦١].

فرد الله عليهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة:٥٨] فإن أذاهم قد عم المسلمين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا دعوا إلى الله ورسوله يتولون ولا يأتون، ولا ينقادون، ويظاهرون الكافرين ويعاونونهم على المؤمنين، والله قال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١] والموالاة للكفار منها ما يصل إلى درجة الكفر الأكبر، ومنها ما هو دون ذلك، فإذا كانت موالاة تامة، ورضاً بدين الكفار، وتصحيحاً لمذهبهم كما قال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:٢٨] قال: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم -أي: على عورات المسلمين- وثغور المسلمين، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر.

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في نواقض الإسلام: الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١].

والشيخ ابن السعدي رحمه الله قال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة:٢٣] قال في تعليقه على الآية: وذلك الظلم بحسب التولي، فإن كان تولياً تاماً كان كفراً مخرجاً عن دائرة الإسلام، وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ وما هو دونه، مثل شخص لو تشبه بهم أليس نوعاً من التولي لهم؟ تشبه باللباس، لكن قد لا يكفر به، ويعتبر فسقاً وكبيرة ومعصية، لكن لا يعتبر كفراً.

فإذاً: التولي درجات، إذا كان التولي عاماً فهو كفر، وتحت ذلك درجات.

وكذلك المسرة بانخفاض دين النبي صلى الله عليه وسلم واضح من قوله تعالى في وصف المنافقين: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ} [التوبة:٥٠] ماذا؟ {تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [التوبة:٥٠] وعملنا الاحتياطات، وما خرجنا، والذي خرج هو الذي أكلها: {وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [التوبة:٥٠] {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة:٤٨] هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى بهذه الصفات لا شك أنهم منافقون، وكذلك هم الذين يكرهون ما أنزل الله، {كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٩] {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [المؤمنون:٧٠] {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة:٥٤] {وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:٨١].