بعد ذلك يقال للمسلمين:(ارفعوا رءوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم) وفي لفظٍ: (فيعطون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل ودون ذلك، ومثل النخلة ودون ذلك، حتى يكون آخرهم من يعطى نوره على إبهام قدمه) وفي رواية مسلم: (ويعطى كل إنسان منهم نوراً إلى أن قال: ثم يطفأ نور المنافقين) وفي رواية ابن عباس عند ابن مردويه: (فيعطى كل إنسان منهم نوراً -هؤلاء المتجهون إلى الصراط- ثم يوجهون إلى الصراط، فما كان من منافق طفأ نوره)، وفي لفظ:(فإذا استوى على الصراط سلب الله نور المنافقين، فيقولون للمؤمنين: انظرونا -أي: انتظرونا- نقتبس من نوركم) وفي حديث أبي أمامة: (وإنكم يوم القيامة في مواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله؛ فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم ينتقلون إلى منزل آخر فتغشى الناس الظلمة فيقسم النور)، يقسم النور على حسب الأعمال، والصلوات، والصدقات، والصيام، والخشية، والحياء، ونحو ذلك (فيختص بذلك المؤمن ولا يعطى المنافق شيئاً؛ فيقول المنافقون للذين آمنوا: ((يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً)) [الحديد١٣]، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور) المنافقون لما فقدوا النور وأرادوا الذهاب مع المؤمنين لا يمكنون من ذلك، بل يقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً؛ فيرجعون إلى المكان الذي قسمت فيه الأنوار من قبل؛ فلا يجدون شيئاً، فيريدون العودة فيضرب بينهم وبين المؤمنين بسور:{فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}[الحديد:١٣]، باطنة أي: من جهة المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره: من جهة المنافقين فيه العذاب، وهذه هي الخدعة العظيمة التي يخدع الله بها المنافقين:(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)[النساء:١٤٢] وهذه الخدعة هي القاضية عليهم.