[اهتمام الشيخ ابن عثيمين بأمور الجهاد وقضايا الأمة]
لقد اهتم الشيخ -رحمه الله- بأمور الجهاد، ومن ذلك: جهاد المسلمين في بلاد البوسنة والهرسك، وكان قد خصص من وقته ساعة أو أكثر في كل أسبوع لأمور الجهاد في البوسنة يتصلون به فيفتيهم، وينظر حاجتهم، ويسمع أخبارهم ويستبشر بها وينشرها، واتصل به بعض المجاهدين مرة من البوسنة وسألوه عن حكم قتل الخطأ، وماذا يجب على القاتل؟ فبعد أن أجابهم الشيخ بما يجب من حق الله وحق أهل القتيل، قال: أما دية المقتول فعليَّ وسأرسلها لكم إن شاء الله.
وكذلك كان اهتمامه بالجهاد في الشيشان، حتى ذهب بعض طلابه إلى هناك يعلمون ويدرسون، ويشرفون على تطبيق الشريعة في بلاد الشيشان.
واهتمام الشيخ بقضايا الأمة، وقضية الاعتداء على حرماتها قديم، هذه خطبة خطبها الشيخ قبل اثنين وأربعين سنة وهي موجودة في كتاب الضياء اللامع من الخطب الجوامع.
أما بعد: أيها الناس: فلقد مضى على احتلال اليهود للمسجد الأقصى أكثر من ثمان سنوات، وهم يعيثون به فساداً وبأهله عذاباً، وفي هذه الأيام أصدرت محكمة يهودية حكماً بجواز تعبد اليهود بنفس المسجد الأقصى، ومعنى هذا الحكم الطاغوتي إظهار شعائر الكفر في مسجد من أعظم المساجد الإسلامية حرمة، إنه المسجد الذي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ليعرج من هناك إلى السماوات العلا، إلى الله جل وتقدس وعلا، وإنه لثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله وتوحيده، ففي الصحيحين عن أبي ذر وساق الحديث، ثم ذكر قصة طلب موسى من قومه دخول المسجد الأقصى -دخول تلك الأرض المقدسة- وماذا حصل لما تولوا، ثم قصة استيلاء الفرنجة والنصارى عليه، وقال بعد ذلك في شروط النصر: وأن الله ينصر من ينصره، وأن النصر لا يكون بالأقوال البراقة، والخطب الرنانة التي تحول القضية إلى قضية سياسية، وهزيمة مادية، ومشكلة إقليمية، وإنها والله لمشكلة دينية إسلامية للعالم الإسلامي كله.
إن نصر الله عز وجل لا يكون إلا في الإخلاص له، والتمسك بدينه ظاهراً وباطناً، والاستعانة به، وإعداد القوة المعنوية والحسية بكل ما نستطيع، ثم القتال لتكون كلمة الله هي العليا، وتطهر بيوته من رجس أعدائه، أما أن نحاول طرد أعدائنا من بلادنا، ثم نسكنهم قلوبنا؛ بالميل إلى منحرف أفكارهم، والتلطخ بسافل أخلاقهم، أما أن نحاول طردهم من بلادنا ثم يلاحقهم رجال مستقبل أمتنا يتجرعون أو يستمرئون صديد أفكارهم، ثم يرجعون يتقيأونه بيننا، أما أن نحاول طردهم من بلادنا ثم نستقبل ما يرد منهم من أفلامٍ فاتنةٍ وصحفٍ مضلة إلى آخر كلامه المؤثر -رحمه الله تعالى- في قضية المسجد الأقصى.