ومن عوائق الهداية: التسويف؛ فإن بعض الناس يخطر في باله خاطر الهداية، يأتيه خاطر من الملك أن يهتدي؛ لأن الله جعل مع الإنسان ملكاً وشيطاناً، الملك يأمره بالخير والشيطان يأمره بالشر.
يأتيه الخاطر من الملك أن يتوب ويهتدي، ويترك ما هو فيه من الباطل، فبعض الناس يسوف يقول: سوف أفعل ذلك إن شاء الله في المستقبل سوف أفعل ذلك، فنقول: هذا شيءٌ لا تعرف نهايته، فقد تموت قبل ذلك، وتقول نفسٌ:{يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه}[الزمر:٥٦] لو أن الله هداني: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}[سبأ:٥٤] وقد يقال له عند موته: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون:١٠٠] وهذا التسويف من أضر الأشياء على العبد، فبسببه تؤخر التوبة وتؤخر مشاريع الانتقال إلى طريق الخير والهداية بسبب التسويف، كلما جاء بواب الخير كلما جاء طارق الخير صرفه بواب لعلّ وعسى، ثم إن الإنسان إذا استمر في الشر صار الشر عادة، فصار ترك الشر صعباً عليه، كمثل رجلٍ خرجت له نبتةٌ في بيته، في مكان غير مناسب مؤذٍ، فقال: اليوم أقتلعها، غداً أقتلعها وهي تنمو وتكبر اليوم أقتلعها غداً أقتلعها، حتى إذا كبرت وصارت جذورها ضاربةً في الأرض وقويت صار هو في المقابل أضعف وأعجز، والشجرة صارت أقوى وأكبر فأنى له أن يقتلعها؟! ولذلك من البداية غير ولا تسوف.