فقال شيخ الإسلام:(وأما أرجح المكاسب، فالتوكل على الله والثقة بكفايته وحسن الظن به، وذلك لأنه ينبغي للمهتم بأمر الرزق؛ أن يلجأ فيه إلى الله ويدعوه كما قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم).
وفيما رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر) شسع النعل: هي سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، وطرفه في الثقب الذي في صدر النعل، حتى يمسك القدم بالنعل، فلو انقطع هذا؛ فإنه يسأل ربه.
فإذا جئت تطلب الرزق والمكاسب؛ عليك بأمرين مهمين جداً: التوكل والدعاء {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الجمعة:١٠] وهذا وإن كان في يوم الجمعة، ولكن المعنى قائم في جميع الصلوات، بعد الصلاة اخرج وابتغ من فضل الله.
(ولهذا -والله أعلم- أمر الشخص إذا دخل المسجد أن يقول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج أمر أن يقول: اللهم إني أسألك من فضلك) فكأنه الآن يناسب الخروج من المسجد كأنك ستذهب إلى المكاسب، فتسأل الله من فضله، لأن الأعمال والوظائف تُقطع لأجل الصلاة وتخرج من الصلاة وأنت قاصد العودة أو الذهاب إلى المكاسب {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ}[العنكبوت:١٧] هذا الأمر للوجوب، فهذه أول وصية في قضية المكاسب: التوكل على الله والدعاء وحسن الظن بالله وأنه يدبرك سبحانه وتعالى أحسن من تدبيرك لنفسك.