إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن حديثنا -أيها الإخوة- في هذه الخطبة عن إزالة النجاسات، وقد اخترت هذا الموضوع لعدد من الأسباب، منها: أنه لا تصح بعض العبادات إلا بذلك، فإن من شروط الصلاة مثلاً إزالة النجاسات من الثوب والبدن والبقعة، وكذلك فإن السؤال يكثر عنها، وأيضاً يقع الاستحياء من السؤال، فعدد من الناس باقٍ على الجهالة، ثم إن هذا الأمر فيه خطورة؛ لأن من أسباب عذاب القبر إهماله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بقبرين، قال:(إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير -ثم قال:- وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) رواه البخاري رحمه الله تعالى.
وكذلك فإن من الأسباب الدافعة إلى طرح هذا الموضوع انتشار أمر الوسوسة فيه، ومن سبل القضاء عليها معرفة الطريقة الصحيحة لإزالة النجاسة، واليقين الذي يقضي على الوسوسة أمر مطلوب، فلا يزاد على الطريقة الشرعية.
وكذلك فهذا الموضوع من التفقه في الدين:(ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
ثم إن النجاسات الحسية تذكرنا بأمور أخرى من المعنويات ستأتي الإشارات إليها في آخر الخطبة إن شاء الله تعالى.