للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المحافظة على العلم الشرعي]

من واجبنا في هذه المرحلة أن نتعلم العلم الشرعي، فالعلم شرط من شروط الإسلام، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:١٩] فكان العلم بلا إله إلا الله المطلب الأصلي للدخول في الدين، والاستقامة على الشريعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) وكثير من الناس الذين يطالبون بالجهاد قبل العلم أناس مخطئون، فلابد من الإعداد بخطوط متوازية إعداد للجهاد، ومن الإعداد للجهاد التعلم، وتعلم أحكام الجهاد، شروط الحرب والمحاربين، وأحكام الأسرى، والجزية، والمغانم، والعهود والمواثيق، وما افتتح عنوة، والاستعانة بالكفار، ومتى يكون الجهاد فرض عين، ومتى يكون فرض كفاية؟ إلى آخر المسائل الكثيرة جداً الموجودة في باب الجهاد، وأحكامه، فلابد أن تتعلم هذا، ولا يشترط أن يكون كل جندي في الجيش الإسلامي فقيهاً بكل الجزئيات، لكن لا يجوز أن يكون جموع الجيش وعمومه جهلة بأحكام الجهاد.

والعلم الشرعي ضوابط تضبط تصرفات المسلم وسلوكياته، وكلما فكر في شيء يحاول أن يفعله ينظر هل هو في الكتاب والسنة؟ هل هو مخالف للكتاب والسنة أم ماذا؟ وفي الحقيقة فإن هذا العلم يجنبنا مهاوٍ وقع فيها كثير من المتحمسين، ودخلوا في مغامرات ومهاترات قتل فيها عدد من الأبرياء من المسلمين ممن لا ذنب لهم، أحياناً بحجة أنهم يبعثون على نياتهم، وأحياناً أنهم من جنود فرعون وهامان وقارون، فهم مرتدون عن الإسلام.

إن هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال من هذه المغامرات والمهاترات والانجراف في مهاو استعراض القوة، في وقت ليس من المناسب استعراض القوة فيه أبداً، والدخول في مواجهات وتفجيرات للموقف، لا يمكن أن يتحملها موقف المسلمين أصلاً، هؤلاء الناس لم يفطنوا دين الله، وكثير من هؤلاء يقودهم الجهل والتعصب الأعمى، ورفض سماع الحق.

أيها الإخوة: للعلم الشرعي ضوابط وقواعد مستندة للأدلة الشرعية من نصوص الكتاب والسنة، مشروحة بكلام العلماء، فكم أخذنا من العلم الشرعي، وكم قرأنا منه، وكم تفقهنا فيه؟ يجب ألا تضيع الأصول الفكرية للمنهج الإسلامي المستمد من الكتاب والسنة في وقت الأزمة، ففي أوقات الأزمات يتصرف الناس بعفوية، وغالبهم يسيرون بلا دليل وبلا بصيرة، إلا الذي عنده علم بالكتاب، قال تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النمل:٤٠]، وقال تعالى: {قَال الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص:٧٩] {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ} [القصص:٨٠] ويقول: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ:٦]، ويقول: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت:٤٩] فهذا القرآن العظيم آياته محفوظة في صدور الذين أوتوا العلم.