والأمر الثاني -أيها الإخوة- من علامات صحة التوبة: اتهام التوبة نفسها، بأنك تخاف أن تكون هذه التوبة لم تقع على الوجه المطلوب منك، وعلى الوجه الذي من المفترض أن تؤديها عليه، فتخاف أنك لم توفها حقها، وأنها لم تقبل منك، وأنك لم تبذل جهدك في صحة هذه التوبة، وأنها قد تكون من توبات العلل التي تكلمنا عنها قبل قليل، أنك تشك في صحة هذه التوبة، ليس الشك الذي يجعلك موسوساً مبتعداً عن رحمة الله واقعاً في اليأس والقنوط، وإنما الخوف أن تكون هذه التوبة فيها نقص أو غير مقبولة عند الله، إن هذا الأمر يساعدك على تعظيم التوبة وتوكيدها أكثر من ذي قبل.
وكذلك -أيها الإخوة- من العلامات التي تقابل هذا الأمر في التوبة السقيمة: أن التائب يطمئن ويثق تماماً بأن الله قد قبل توبته، حتى كأنه أعطي منشوراً بالأمان كما يقول ابن القيم رحمه الله: كأنه أعطي صكاً بدخول الجنة، هذه التوبة تخوّف، وهذه التوبة في خطر؛ لأن هذا -أيها الإخوة- من علامات التهمة، تتهم بها نفسك، لو أنك أحسست من بعد التوبة بأنك قد ضمنت دخول الجنة، وأنك متيقن بأن الذنب قد انتهى وأن الله قد غفره.