وهذا الإمام أبو حاتم الرازي لما ذكر رحلته في طلب العلم، قال: سمعت أبي يقول: أول ما خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين، أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ.
الفرسخ أكثر من خمسة كيلو مترات! أي: أن هذا مشى على قدميه أكثر من خمسة آلاف كيلو متر، والمشي على الأقدام غير الرواحل.
يقول: كنت أسير من الكوفة إلى بغداد ما لا أحصي كم من مرة، ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة، وخرجت من البحر في المغرب الأقصى إلى مصر ماشياً، ومن مصر إلى الرملة ماشياً، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ومن طرسوس إلى حمص، وكان بقي علي شيء من حديث أبي اليمان فسمعته، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة كل ذلك ماشياً، هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة أجول سبع سنين هذا من رحلته رحمه الله تعالى! كذلك فإن ابن مندة رحمه الله أراد أن يخرج إلى الرحلة، فخرج وكتب شيئاًَ كثيراً جداً، وكانت رحلته خمسة وأربعين سنة، رحمه الله تعالى!