[كف الغضب وكظم الغيظ ونفع الناس بقضاء دين أو طرد جوع أو غيره]
وقال صلى الله عليه وسلم:(أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجته أحب إلي أن من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة) أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، سبحانه وتعالى جلَّ شأنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي هدى الله به الناس وأرسله رحمةً للعالمين، فبيَّن لنا أبواب الخير وأمرنا أن نلجها، وبيَّن لنا أبواب الشر وحذَّرنا من ولوجها.
قال صلى الله عليه وسلم:(أحب الناس إلى الله أنفعهم) من الأعمال -أيها الإخوة- ما يقتصر نفعه على الشخص، ومنها ما يعم اثنين أو ثلاثة، ومن الأعمال ما يعم نفعها خلقاً كثيراً من الناس، فكلما كانت المنفعة لعباد الله أكثر كلما كان أجرك أكثر.
ويقول:(وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً) بعض الناس يذبحون للضيوف، لكنه قد لا يعزم إلا كبار القوم ويترك الضعفاء والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(شر الطعام طعام الوليمة يُدعى إليها الأغنياء، ويترك الضعفاء والفقراء)، وأيضاً تجد الأغنياء عندما يذبحون قد لا يدور في بالهم النية الحسنة بإطعام الناس الطعام، وإنما العادات تقتضي ذلك، ولا يدور في باله الأجر المترتب على إطعام الطعام وهذه غفلة عظيمة، يقول:(ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً) هذا الأجر وزد على ذلك ما تنشئه هذه الأعمال في نفس الأخ المسلم الآخر.
ذكر لي أحدهم قال: رأيت رجلاً قد تغير عليه إطار سيارته في الطريق.
وهو واقف يؤشر للسيارات، فنزلت إليه فأخذت هذا الإطار وليس عنده إطار احتياطي، ثم أخذنا الإطار بسيارتي، وذهبنا إلى الورشة البعيدة وأصلحناه ورجعنا إلى السيارة، وركّبت له الإطار وهو قائم لا يتحرك، ثيابه ناصعة البياض وصاحبنا قد اتسخت ثيابه، يقول: هذا الرجل كان مندهشاً طيلة الوقت، كيف؟! السبب في عدم المشاركة أنه مندهش، كيف أقف؟ ثم آخذه إلى المكان البعيد ثم أرجعه ثم اشتغل له بنفسي؟! فانتهزتها فرصةً لأدعو الرجل إلى الله وأذكره، وإذا به يقول: إن لي ولداً متديناً مثلك، لكني في الحقيقة أقوم عليه وأنتقده وأظن أنه يضيع نفسه ودراسته بهذا التدين، والآن من تصرفك بانت لي حقيقة الأمر.
وهذا -أيها الإخوة- من فوائد مساعدة الناس، أن يقوم المستقيمون بتقديم الخدمات للناس، عسى الله أن يهدي الله بهم هذه الفرق والطوائف.
وقال عليه الصلاة والسلام:(ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل).