الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبيله القويم.
أيها الإخوة! قد جرت عادات بعض الناس في مجالسهم أنهم يتناجون، أو يأتي شخص ويتكلم مع واحد والآخر موجود، وصار هذا عرفاً في بعض المجالس ومنها وللأسف مجالس الدعاة إلى الله عز وجل.
واعلموا -أيها الإخوة- أن هذه العادة عادة سيئة مرذولة، وكثير من الأحيان يتوهم الشخص أن فيها مصلحة وأن المصلحة راجحة، والحقيقة أنه ليست هناك مصلحة على الإطلاق، أو قد تكون المصلحة مرجوحة وإحزان الشخص الثالث أمر مؤكد لا شك فيه.
فلذلك ينبغي ألا يلبس الشيطان على عباد الله الصالحين فيوقعهم في حبائله، فيظنون أن بعض أنواع التناجي للمصلحة لا شيء فيها، وهي ليست كذلك، وكما ذكرنا فإن العلة هي الإحزان، فإذا انتفت العلة مطلقاً وهذا أمر يصعب التأكد منه جداً، فإنه لا بأس من ذلك، بل إنه في كثير من الأحيان قد يدفع الشيطان إنساناً ليسر شيئاً في أذن أخيه بحضرة أخ له ثالث موجود، يحسب أن ذلك مصلحة، وقد يكون هذا خدعة من خدع الشيطان كيف ذلك؟ قد يأتي في نفس الإنسان -أيها الإخوة- أحياناً حب التميز عن الآخرين، فيأتي في مجموعة وفيهم شخص فيسر إليه بحديث، ويأتي الجواب من ذلك الرجل ثم يتكلم، ويأتي كلام آخر سراً، لا لأن هناك مصلحة في هذا التسار ولكن لأن الشيطان قد لعب بنفس هذا الرجل وأدخل فيه قضية حب التميز عن إخوانه الآخرين، فهو يحب أن يكون له أسرار وأن تكون له قضايا خاصة، وأنها ليست بمستوى الموجودين، وأنه يتكلم مع شخص بعينه ولا يتكلم مع الآخرين، ليبدي لهم بأنه أعلى شأناً منهم، هذا أيها الإخوة من مداخل الشيطان على عباد الله.
وفيه إدخال لحظوظ النفس وخلطها في مصالح الدعوة إلى الله، وهذا خلط لا تقره الشريعة ويأباه الإسلام ويدفعه بكل وسيلة؛ لأن الإسلام أيها الإخوة يحرص على وضوح شخصية الداعية إلى الله، وهذا أمر مهم جداً، لا بد أن تتصف شخصية الداعية بالوضوح التام أمام الناس، سواء كانوا من إخوانه الخلص أو من عامة الناس.