للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خوارق الدجال وفتنته للناس]

إن الله جعل لهذا الدجال إمكانات كثيرة وبسببها تحصل الفتنة ومنها: أنه كما سئل صلى الله عليه وسلم عن إسراع الدجال في الأرض، فقال: (كالغيث استدبرته الريح) هل رأيت غيماً وريحاً تدفعها من الخلف، كيف تكون سرعتها، كذلك تكون سرعة الدجال، ولذلك سيتجول في أقطار الأرض كلها، وقال صلى الله عليه وسلم ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وقال: (وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة) ومن فتنة الدجال: قوله صلى الله عليه وسلم: (معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار) وقال: (إن معه ماء وناراً، فناره ماء بارد، وماؤه نار) وقال: (لأنا بما مع الدجال أعلم منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين، ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً) المسلم لو رأى هذا المشهد ماذا يفعل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فليأت النهر الذي يراه ناراً وليُغمِّض ثم ليطأطئ رأسه -في النار هذه- فيشرب منه، فإنه ماء بارد) لكن من الذي سيفعل؟! (إنه أعور وإنه يجئ معه تمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة، هي: النار) وقال صلى الله عليه وسلم: (فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم، فليقع في الذي يراه ناراً؛ فإنه ماء عذب طيب) ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (يخرج الدجال ومعه نهر ونار، فمن دخل نهره؛ وجب وزره وحط أجره -ضاع الأجر- ومن دخل ناره؛ وجب أجره وحط وزره، ثم إنما هي قيام الساعة).

وكذلك ورد أن معه جبل من خبز وطعام، وأن الدنيا فيها مجاعة وأن الناس سيتبعونه من المجاعة لكي يحصلوا على هذا الطعام الذي عنده، وأن هذه الفتنة لن تضر المؤمنين بإذن الله، وكذلك أخبر أن الجمادات والحيوانات ستستجيب له، قال عليه الصلاة والسلام: (فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به -أنه هو الله- ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر -بإذن الله طبعاً- والأرض فتنبت -فتخرج الكلأ- فتروح عليهم سارحتهم -ماشيتهم على هؤلاء الناس الذين آمنوا بالدجال- أطول ما كانت ذُراً -قامة وارتفاعاً- وأسبغه ضروعاً -ممتلئة بالحليب- وأمده خواصر -من السمن- ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله -أي يكفرون به- فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين -قحط- ليس بأيديهم شيء من أموالهم، كله فتنة ليرى من الذي يصبر ويصدق ويؤمن بالله، ومن الذي يكفر ويضل ويفتن- ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل- وراء الدجال- وإن من فتنته، أن يقول -هذا الدجال يستعين بالشياطين- للأعرابي: أريت إن بعثت لك أباك وأمك- أحييت لك أباك وأمك- أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم.

فيتمثل له شيطان في صورة أبيه وأمه لهذا الأعرابي يقول: يا بني اتبعه فإنه ربك).

المشكلة في عوام الناس أنهم سيتابعوه بسبب أن ما عندهم بصيرة وعلم، واحد يحيي له أباه وأمه ويخرجهم، ثم يقولان له: يا بني اتبعه فإنه ربك، العاطفة سوف تأخذه ويتبع الدجال.

وإن من فتنته أيضاً أن يسلط على نفس واحدة (فيقتلها فينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين، ثم يقول الدجال للناس: انظروا إلى عبدي هذا، فإني أبعثه ثم يزعم أن له رباً غيري) هذا مسلم مؤمن كما سيمر معنا، فيبعثه الله وليس الدجال، لكن الدجال يري الناس أنه بعثه، وفعلاً يلتئم الشقان: (فيقول الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله -لأن هذا مسلم- وأنت عدو الله أنت الدجال) وهنا نأخذ درساً: أن الدجال إذا كان يتعاون مع الشياطين في ذلك الوقت في إضلال الناس، أفلا يكون حري بالدعاة إلى الله عز وجل أن يتعاونوا مع بعضهم لهداية الناس، إذا كان الدجال والشياطين يسخرون قدراتهم وإمكاناتهم مجتمعة، لكي يضلوا الناس، أفلا يكون حري بنا معشر الدعاة إلى الله أن نتعاون معاً وأن نتكاتف معاً وتتعاضد جهودنا معاً لتصب في مصبٍ واحد وهو: هداية الناس إلى الله عز وجل وإلى الطريق المستقيم، يجب أن نتعظ فعلاً، إذا كان هؤلاء الدجاجلة يفعلون هذا، فلماذا نحن لا نسرع للاتحاد والانسجام والتوافق حتى يحدث ذلك؟!