[سد الذرائع في الدعوة إلى الله وفي السياسة الشرعية]
وفي مجال الدعوة إلى الله والسياسة الشرعية فسد الذرائع باب عظيم، فأنتم تعلمون حديث معاذ في حق العباد على الله عز وجل ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً، قال:(قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا) أي: إذا بشرتهم كان ذلك ذريعة إلى اتكالهم، ولهذا قال علي رضي الله عنه:[حدثوا الناس بما يعقلون أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟] في مجال الدعوة والتعليم، لا تعط الناس كلاماً فوق مستواهم وفوق عقولهم؛ لأنه يكون ذريعة إلى التفريط بأشياء من الدين أو النفور من الدين ونحو ذلك.
وكذلك هجر الكافر وهو من الشريعة، لكن إذا كان هجره يؤدي إلى زيادة في ابتعاده ومستغن عنك وعن أمثالك، ولو هجرته استراح منك ومن نصحك، وقال: الحمد لله أني افتككت منك، هجر العاصي إذا كان يسبب زيادة معصيته لا يؤجر؛ لأنه يؤدي إلى نفوره، لكن هجره إذا كان يؤدي إلى رجوعه إلى الحق وشعوره بالخطأ يؤجر.
كذلك المبتدع الأصل وجوب هجره والإغلاظ عليه، لكن إذا كان الإغلاظ عليه يؤدي إلى وقوع مقتلة، إراقة دماء فلا، فينبغي أن يُفهم هذا، وهو من باب السياسة الشرعية.
ومثل ذلك أيضاً ترك البناء على النوايا الخفية سداً لذريعة الفساد، مثل النبي صلى الله عليه وسلم ما قتل المنافقين مع أنه قد ثبت لديه نفاق بعضهم، لكن لم يقم عليهم حد الردة؛ لأنه خشي أن يقول الناس: إن محمداً يقتل أصحابه.