واعلموا أيها الإخوة أن المسلم الذي يؤخر التوبة إلى أمد معين هو مصر على الذنب، فبعض الناس يقول: إذا جاء رمضان فسوف أتوب، وهو عازم على التوبة في رمضان، ولكنه رجل مذنب مصر على الذنب، ويطلق عليه أنه يصر على الذنب؛ لأن المفروض عليه المبادرة بالتوبة ولا يجوز تأخيرها إلى أمد معين، ولكن كثيراً من الناس عندهم هذا المبدأ وهذا المفهوم يقول: عندما يأتي رمضان سأتوب إن شاء الله توبة كاملة، ويقول بعضهم: سأذهب إلى العمرة وأتوب، ولن أعمل بعدها أي عمل سيء، وبعضهم يقول: إلى الحج وبعد الحج سأتوب.
وما يدريه أنه سيعيش إلى رمضان أو الحج؟! هذا أولاً، وثانياً: لو عاش إلى رمضان أو الحج أليس هذا التأخير الذي تأخره في التوبة ذنباً يستحق التوبة أيضاً ولو تاب في رمضان أو الحج؟! لكن هذا التأخير هو إصرار يحتاج إلى توبة، وكون الإنسان يعزم على التوبة بعد فترة من الزمن لا يعفيه من الذنب، ولا ينفعه عند الله عز وجل في هذا الموضوع.
وكذلك فإن التوبة تحدث في النفس من الآثار الحسنة في الاندفاع نحو الطاعات أموراً كثيرة، وتجعل الإنسان المسلم يحس بالتقصير، ويحس بأنه دائماً لا يفعل ما يجب عليه من الحقوق تجاه ربه، وهذا الشخص الذي يستشعر النقص دائماً يستمر في الأعمال الصالحة؛ لأنه يعلم علم اليقين أنه مهما عمل من الأعمال الصالحة فإنه لا يزال مقصراً، ولو أنه فكر في هذه الأعمال الصالحة من الصلوات والزكوات والعبادات، وطلب العلم، والدعوة إلى الله، ثم وزنها ببعض نعم الله عليه مثل السمع والبصر والفؤاد، لوجد أنها لا تساوي شيئاً.
فإذا كنا مهما عبدنا الله لن نؤدي شكر النعم فقط، فكيف بالواجبات التي أوجبها علينا؟! بعض الصالحين قد يقع في أخطاء في حقوق إخوانه المسلمين، أو قراباته أو جيرانه، فهذا عليه ألا ينسى الدعاء والاستغفار لهم بظهر الغيب؛ لأن ذلك يعوض هذا التقصير في الحقوق تجاههم.
ونحن بشر لا نسلم من التقصير، قد تكون أنت تطلب العلم وتدعو إلى الله عز وجل، ومع ذلك أنت مقصر في حقوق أقربائك، وقد تكون أخطأت في الموازنة بين الواجبات المترتبة عليك، لذلك يكون الاستغفار لمن قصرت في حقه من عباد الله والدعاء له من الأشياء التي تنفع في إصلاح ذلك النقص والخلل.