للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حق الأيتام]

وأما الأيتام فالإحسان إليهم ومعاملتهم بلطف والإنفاق عليهم من هذه الشريعة، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل) ولذلك كان عبد الله -كما يقول أبو بكر بن حفص - لا يأكل طعاماً إلا وعلى خوانه يتيم، لابد أن يدعو يتيماً في كل وجبة من وجبات طعامه ليأكل معه إحساناً إلى اليتامى.

وأما العبيد والخدم فالإحسان إليهم بالرفق بهم والتخفيف عنهم وترك إيذائهم: عن أبي أمامة قال: (أقبل النبي صلى الله عليه وسلم ومعه غلامان فوهب أحدهما لـ علي صلوات الله عليه وقال: لا تضربه، فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة، وإني رأيته يصلي منذ أقبلنا، وأعطى أبا ذر غلاماً وقال: استوصِ به معروفاً، فأعتقه، فقال: ما فعل؟ -يسأل أبا ذر بعد ذلك- ماذا فعلت بالغلام؟! قال: أمرتني أن أستوصي به خيراً فأعتقته).

وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً!! اعلم أبا مسعود.

اعلم أبا مسعود.

لله أقدر عليك منك عليه، لله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل لمستك النار أو للفحتك النار) وعن عمار بن ياسر قال: [لا يضرب أحد عبداً له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة] هذا في العبد الذي يملكه صاحبه، فكيف إذا كان خادماً لا يملكه ولم يشتره بماله؟ وإنما هو حرٌ أو حرةٌ من الأحرار ومع ذلك يضربونهم ويجرحونهم ويكسرونهم وقد يذهبون إلى المستشفيات من شدة الضرب، حال بعض الناس مع الخدم في الإهانة والإيذاء والشدة لا يعلمه إلا الله، مع أنهم لا يملكونهم وهذا الذي يملكه يقول عمار: [لا يضرب أحد عبداً له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة] فماذا سيفعل بعض الخدم ببعض المخدومين يوم القيامة؟ وعن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: (خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا معه حال غلامه وحسن لباسه مع سيده، فكلموا أبا اليسر في حال هذا الغلام في هذه اللبسة الجميلة الجيدة، فقال: يا بن أخي! بصرت عيني هاتين، وسمعت أذني هاتين، ووعاه قلبي -وأشار إلى مناط قلبه- سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون) وكان أن أعطيته من متاع الدنيا أهون علي من أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة.

وعن أبي ذر قال: (إني ساببت رجلاً فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي -أي: الرسول عليه الصلاة والسلام-: أعيرته بأمه؟! قلت: نعم.

قال: إن إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم).