أما بالنسبة للحديث، فإن الحسن البصري رحمه الله ولاشك كان قد نشأ في الفترة التي كان النقل فيها من غير كتابة وتدوين، وهي مرحلة الحفظ في الصدور، لأنه توفي في سنة [١١٠هـ]، وهذا الوقت الذي بدأ فيه التدوين، ولذلك ليس للحسن كتاب صنفه في الحديث، لأن عصر التدوين لم يكن قد بدأ بعد.
ولكن الحسن رحمه الله تعالى له مرويات كثيرة جداً، وبعضُ الأسانيدِ التي فيها ذِكْرُ الحسنِ متصلٌ، وبعضُها مرسلٌ، والحديث المرسل كما نعلم: ما أضافه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام دون ذكر الصحابي، ولاشك أن المرسل عند العلماء من أقسام الحديث الضعيف، ما عدا استثناءات يسيرة ذُكِرت في كتبهم.
فلو قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإننا نعلم أن هذا حديث مرسل، وأنه حديث ضعيف، لكنه لو ذكره بالإسناد المتصل بذكر الصحابي الذي حدثه، أو التابعي عن الصحابي الذي حدثه فيكون الحديث عندئذٍ متصلاً صحيحاً، ما دام أن الحسن رحمه الله قد صرح بالتحديث.
وقد سمع الحسن رحمه الله من بعض الصحابة، مثل: أنس وسمرة رضي الله عنهما، وهناك قاعدة في المراسيل، يقول الإمام أحمد رحمه الله:"مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها، وليس في المرسلات شيء أَضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد".
والمقصود أنه إذا قال: قال رسول الله، فلا نستطيع بطبيعة الحال أن نحكم بصحته، بل إنه نوع من الحديث الضعيف، حيث أنه منقطع فيما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك الحسن روى عن أبي هريرة ولم يسمع منه، وكان قد جاء هذا إلى الحجاز وهذا خرج إلى العراق فلم يتقابلا، والتمس العلماء للحسن في قوله: أخبرنا أبو هريرة، التمسوا له أنه يقصد أن أبا هريرة حدث أهلَ البصرة وهو منهم، ولكن لم يكن معهم عندما حدثهم أبو هريرة.
وبعض المصطلحات:(حدَّثنا) و (أخبرنا) و (عن) ونحو ذلك لم تستقر من جهة معنىً مخصوص أو استعمال مخصوص إلا بعد الحسن رحمه الله تعالى.