يقول شاب: تزوجت من فتاة غير ملتزمة، ورضيت بي كزوجٍ لها، فبماذا تنصحني؟
الجواب
غريب أنها رضيت بك، المفروض أنك تقول: رضيت بها، لأن الأعلى يرضى بالأدنى، فكونها رضيت بك؛ فليست نعمة تحسد عليها، لكن أنت الآن كيف رضيت بها؟ فناقش نفسك، على أية حال ما دام قد حصل ما حصل، فإن الناس تصرفاتهم تختلف، وردة الفعل تختلف، بعضهم إذا كان رأى أن الفتاة غير ملتزمة أسرع إلى طلاقها، وليس الوقت مناسباً أن يفعل هذا خصوصاً وقد دخل بها، وربما حملت منه، وطلاقها فيه إيذاءٌ لها، وفيه أيضاً تكليفٌ له بمهرٍ جديد مع ما يدفعه من مهرها الذي خسره عليها، وقد يكون هناك مؤخر صداقه يجب دفعه، أي أن هناك اعتبارات تجعل قرار الطلاق ليس قراراً سهلاً، ولذلك ينبغي أن يحاول استصلاحها ما أمكن، ويصبر عليها وعلى أذاها، فربما يجعل الله هدايتها على يده.
وكذلك هي لو أنها تزوجت من شابٍ غير ملتزم، وهذا كثير، ثم تقول: عرفت أنه يستعمل مخدرات، يشرب الخمر، يسافر إلى الخارج، يعمل الفاحشة ويأتي معه بصورة، واكتشفت أن له علاقات، وأنه يكلم بناتاً في الهاتف، واكتشفت أنه لا يصلي الفجر، واكتشفت واكتشفت، فنقول: أين السؤال عن الزوج من البداية؟ أين التحري؟ لماذا قصرتم وأهملتم هي وأولياؤها؟ بالذات الولي عليه مسئولية أكبر، فالمرأة ما عندها استطاعة أن تذهب وتسأل وتتحرى مثل الرجل، فقد يجرم الولي في حق وليته جرماً عظيماً بترك التحري والسؤال، فنقول: هذا ما دام قد حصل نقول: هل زوجك مسلم يصلي ليس عنده مكفرات؟ إذا قالت: نعم، قلنا: اصبري عليه عل الله أن يهديه، اصبري على ظلمه، اصبري على سيرته هذه عل الله أن يهديه، ما لم يتعد الأمر إليك، ويسبب ضعفاً في دينك بحيث إنك تقعين في المعاصي، فعند ذلك لا يجوز لك البقاء على هذا الحال، أما إن تحصنتي بالله وكان لديك قدرة على المهاجمة والمقاومة، ولديك قدرة على النصيحة، فعند ذلك من الإحسان إليه وهو زوج أن تستمري في محاولة النصح له، وقد عرفنا شباباً تابوا إلى الله على أيدي زوجاتهم، وهناك أيضاً فتيات تبن إلى الله على أيدي أزواجهن، ويوجد شباب أصروا على الفسق بعد الزواج، وشابات كذلك أصررن على الفسق بعد الزواج، ويوجد شباب انتكسوا بعد الزواج وكانوا من قبل مستقيمين على شرع الله، وطبعاً المسألة يأتي فيها تدرج وتوسع في المباحات، فتجد تغيير الأثاث والاهتمام والمزهريات والنجف والنقوشات وإضاعة الأموال فيها، ثم بعد ذلك يقول: نسافر للسياحة ونذهب إلى تركيا فإن فيها مسلمين، وتتوسع المسألة شيئاً فشيئاً ويبدأ يشاهد المناظر ويقول: أشاهد الأخبار على الشاشة، ثم يشاهد ما قبلها وما بعدها، وبعض البرامج التي فيها أشياء علمية وموسيقية، وبعد ذلك يتوسع في الأشياء شيئاً فشيئاً، وينوع من صداقاته وعلاقاته، حتى يخالط أناساً من غير أهل الدين مخالطة ضارة، ويبدأ عليه الانحراف والتغيب وترك صلاة الفجر وهي أول الصلوات تركاً وبعدها صلاة العصر، وهما البردان اللذان من صلاهما دخل الجنة، وهكذا تقاسي معه المسكينة، وتعتصم أو يقاسي هو معها، فلذلك أيها الإخوة لا بد أن ينشغل الإنسان بتربية نفسه، وإلا فإنه سيضيع، وليس الزواج دائماً يكون خيراً للإنسان إذا لم يتحصن بتقوى الله تعالى.
ثم الانزلاق في مجاراة العادات الاجتماعية، أحياناً يكون الشاب في السكن الجامعي مع إخوانه الشباب عنده طريقة معينة لا يخرج عنها، لا يرى محرماً، لا يدخل مع أشخاص في منكرات، ولا يجلس مجالس منكرة، وبعد الزواج تجده لا بد أن يذهب إلى بيت أهلها، وتذهب هي إلى بيت أهله، وتنشأ علاقات، وإذا دخل ضاع نصيبه في بيتٍ غير متدين، يذهب إليهم ولا بد أن يتعرض إلى منكرات، وخالها يعزمه وعمها يعزمه، وعمتها تعزمه، وعمه يعزمها ويعزمهم، وهكذا، فالمسألة تدخل في أشياء، مع أن صلة الرحم واجبة ولا ينبغي قطعهم أبداً، لكن تبدأ تدخل في حياة الشاب أنماط وأشياء اجتماعية فيها منكرات لم تكن معهودة، مما يسبب ضعفاً بدلاً من استمرار المقاومة، وانتقال الدعوة من مجال زملائه الطلاب إلى مجالٍ أرحب أيضاً؛ فبالإضافة إلى الشباب أيضاً يدعو كبار السن والنساء بالطريقة الشرعية طبعاً، كذلك الرجال وأطفال العائلة الأخرى مثل إخوان زوجتك لهم حقٌ عليك أيضاً في التدريس والنصيحة وتحفيظ القرآن، والدلالة على مسجد فيه تحفيظ قرآن أو وسط طيب، أو مكتبة إسلامية تتعهدهم.
هناك أناس لما تزوجوا؛ نشروا الدين في البيت الآخر، وهناك أناس تأثروا سلباً من البيت الآخر.