الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً رسول الله الصادق الوعد الأمين، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
ها قد عرفنا -أيها الإخوة- ما هو موقف المظلوم، وما هو موقف الظالم؛ فما هو موقف بقية الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم:(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجلٌ: يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره) رواه البخاري.
وعن البراء قال:(أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبعٍ -ومنها- ونصر المظلوم).
وقال صلى الله عليه وسلم:(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) أي: لا يتخلى عنه ولا يتركه إلى الظالم، ولا يتركه إلى من يؤذيه؛ بل ينصره ويدفع عنه الظلم.
إذاً لا بد من الوقوف بجانب المظلوم، فيأثم من عرف بالمظلوم وقدر على نصرته ولم ينصره، لأن نصرة المظلوم واجب، وحرام على من رأى أخاه المسلم مظلوماً وهو قادرٌ على نصرته أن يتركه ويسلمه ولا يمنع عنه الظلم.
ويجب كذلك كف يد الظالم كما قال أبو بكر رضي الله عنه في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة:١٠٥] وإني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابٍ منه) والأخذ على يديه إذا لم يفد معه القول، فإذا قدر وقوي على منعه ولو بالقوة منعه.
ولا شك أن على صاحب السلطان من هذا الواجب النصيب الأكبر، وعلى كل صاحب سلطةٍ -مثل رجل الأمن مثلاً- واجبٌ عظيم في هذا المجال، وإذا نصر المظلوم نصره الله يوم القيامة، والمحتسب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا نصر المظلوم ينصره الله يوم القيامة.