للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حالات نشوز المرأة]

أما إذا نشزت المرأة، وعصت الزوج، وامتنعت عما أوجبه الشارع عليها، كما لو امتنعت عن فراشه، أو خرجت من منزله بغير إذنه، أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مناسب لها، أو امتنعت من السفر معه سفراً مباحاً، فإنها في هذه الحالة لا نفقة لها؛ لأنها ناشز وعاصية، وخروج المرأة من بيت زوجها بدون إذنه يعتبر نشوزاً يسقط حقها في النفقة؛ لأنها بهذا الخروج قد خرجت عن طاعته، وفوتت عليه حق الاستمتاع بها، وخدمتها له.

فمتى امتنعت من فراشه، أو خرجت من منزله بغير إذنه، أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن لائق بها وشرعي متوفر فيه كل الشروط، ليس بمسكن ضرة ولا ضرار، أو امتنعت من السفر معه فلا نفقة لها ولا سكنى.

فلو قال: تأتين معي إلى هذا البيت، أو إلى هذا البلد، الذي صار فيه رزقي وعملي، فامتنعت بدون سبب شرعي، ولا شرطت شيئاً في العقد، فإنها ناشز وعاصية، ولا نفقة لها.

ولو قالت له: أرسلني يجوز له أن يمتنع عن الإرسال؛ لأنها عاصية وناشزاً.

أما إذا شرطت في العقد ألا تسافر من بلد أهلها -مثلاً- ووافق الزوج، فإن شرطها ملزم للزوج، وملزم للإنفاق عليها، ولو غادر هو البلد.

نقول أيضاً: إن امتناع المرأة ونشوز المرأة يعتبر مسقطاً للنفقة.

وكذلك إذا خرجت من بيته بدون إذنه، فإنها تعتبر ناشزاً إذا كان خروجها لغير سبب مشروع.

وكذلك فإنها إذا امتنعت عن الزفاف والقدوم إلى بيت زوجها، وقد أعطاها مهرها المعجل، وقالت: لا آتي إلى بيتك، ولا أريد الدخول، ولا أريد الزفاف، فإنها في هذه الحال تعتبر ناشزاً، ولا نفقة لها.

وكذلك إذا امتنعت عن الوطء، وعن إعطاء الزوج حقه بالاستمتاع، فإنها تعتبر ناشزاً إذا امتنعت عن الوطء أو مقدماته بدون سبب شرعي، بحيث كان ممكناً لها حصول الوطء والاستمتاع من قبل الزوج؛ ولكنها تأبَّت وتمنعت وخرجت عن فراشه، فإنها لا نفقة لها، وتعتبر ناشزاً عاصية لله تعالى.

وأما خروج المرأة للحج، فإن كان الحج فريضة أو العمرة واجبة فإن خروجها صحيح، ولها النفقة؛ لأنها فعلت ما أوجب الشرع عليها.

وكذلك صيام رمضان، فإنها تمتنع عن زوجها بالاستمتاع لأجل حق الله.

ولذلك لا يعتبر امتناعها في نهار رمضان عن زوجها نشوزاً، ولا يعتبر خروجها لحج الفريضة أو العمرة الواجبة خروجاً ولا نشوزاً عن طاعة زوجها، وبالتالي النفقة تكون سائرة ومستمرة لها، ولا تعتبر ناشزاً في هذه الحالة، بخلاف خروجها في حج النافلة بغير إذن الزوج؛ فإنها تعتبر ناشزاً.

وأما خروج الزوجة الموظفة أو ذات الحرفة إلى العمل: هل يعتبر نشوزاً أم لا؟ إذا كانت شرطت على زوجها ذلك في العقد ووافق، وكان العمل حلالاً، أو سمح لها الزوج بالخروج، فإن خروجها صحيح إذا كان بالشروط الشرعية، ولها النفقة حتى لو كانت موظفة، لها النفقة، أما إذا لم يسمح لها الزوج بالخروج، وأمرها بالقرار في البيت، فخرجت بدون إذنه إلى وظيفتها -مثلاً- فإن خروجها يعتبر نشوزاً، فهي لم تحتبس في بيت زوجها، ولم تجلس فيه، وفوتت عليه مقاصده، وما يريد منها من القرار في البيت، فإن استمتاعه يكون به ناقصاً إذا كانت في النهار تعمل وتكدح، فتكون في الليل عنده متعبة.

فإذاً إذا لم يحصل منها اشتراط، ولم يسمح لها الزوج، فإن خروجها للوظيفة نشوز يُسقِط النفقة، وعليها أن تتوب إلى الله، وترجع عن هذا النشوز؛ لأنها تكون عاصية لله تعالى، فإذا تابت إلى الله، وأطاعت برجوعها إلى بيته، عادت النفقة لها لعودها إلى الطاعة.