من الأشياء التي نستفيدها من العلماء في مواقفهم: التربية في تواضعهم في أخذ العلم، وعزو العلم إلى قائله، ووصاياهم، فإذا ذكر شيء يقول الشخص: خفي عليّ، لم يكن لي به علم حتى أفادنيه فلان، هذه المسألة استفدتها من فلان، فلان علمني إياها، وهذا من التواضع.
يقول أبو عبيد رحمه الله: زرت أحمد بن حنبل -والإنسان إذا ذهب يزور العلماء بنية الاستفادة يخرج بفوائد- فلما دخلت عليه بيته قام فاعتنقني وأجلسني في صدر المجلس، فقلت: يا أبا عبد الله! أليس يقال: صاحب البيت أو المجلس أحق بصدر بيته أو مجلسه؟ قال: نعم.
يقعد ويُقعد من يريد، فقلت في نفسي: خُذ إليك أبا عبيد فائدة، ثم قلت: يا أبا عبد الله! لو كنت آتيك على حق ما تستحق لأتيتك كل يوم، فقال: لا تقل ذلك، فإن لي إخواناً ما ألقاهم في كل سنة إلا مرة، أنا أوثق في مودتهم ممن ألقى كل يوم، فقلت: هذه أخرى يا أبا عبيد، فلما أردت القيام قام معي، فقلت: لا تفعل يا أبا عبد الله! فقال: قال الشعبي: من تمام زيارة الزائر أن يُمشى معه إلى باب الدار، ويؤخذ بركابه -والآن حتى يدخل السيارة ويغلق باب السيارة ويتحرك- قال: فقلت: يا أبا عبد الله! من عن الشعبي؟ قال: ابن أبي زائدة، عن مجالد، عن الشعبي، فقلت: يا أبا عبيد! هذه الثالثة.
هذه نفسية المستفيد، والذي يقول: استفدت الفائدة من شيخنا فلان، أو شيخي فلان علمني إياها ونحو ذلك.