قال الذهبي رحمه الله في ترجمة الإمام القدوة المجتهد أبي إسحاق الشيرازي قال: وقيل: إن أبا إسحاق نزع عمامته وكانت بعشرين ديناراً -عمامة نفيسة- وتوضأ في دجلة فجاء لص فأخذها وترك عمامة رديئة بدلاً منها فطلع الشيخ فلبسها وما شعر، حتى سألوه وهو يدرس -أي أنهم أشعروه- فقال بكل بساطة: لعل الذي أخذها محتاج.
ولأن الجنة لا يصلح أن يدخلها إلا من كان قلبه سليماً نظيفاً تماماً، فإن الله لا يدخل أهل الجنة الجنة إلا بعد أن ينقوا ويهذبوا وتكون صدورهم سليمة، كما قال الله عز وجل:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ}[الأعراف:٤٣] وفي آية أخرى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:٤٧] وذكرنا الآية التي فيها دعاء المؤمنين: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الحشر:١٠].
يقول عليه الصلاة والسلام مبيناً صفة أهل الجنة:(أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على إثرهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض ولا تحاسد) أهل الجنة إذاً أيها الإخوة لا اختلاف بينهم ولا تباغض ولا تحاسد، هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما.
لو واحد قال: هل يمكن ألا يقع بين إنسان مسلم وأخيه أي نوع من أنواع الخصام؟ هذا يؤذيك بكلمة، وهذا يجرحك بتصرف، والإنسان نفسه حساسة تتأثر، نحن بشر نقول: نعم، هذا لا يمكن في الواقع، نعم نحن مطالبون ألا نغضب وأن نكظم الغيظ:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:١٣٤] لكن لا يستطيع الإنسان في الحقيقة ألا يحزن ولا يغضب من أي تصرف مهما حصل من أي واحد، لا يمكن، بل إن الصحابة رضوان الله عليهم كان بعضهم يجد على أخيه في نفسه، وإليك هذا المثل من صحيح البخاري رحمه الله: