[حكم الشريعة في الكاهن والعراف والمصدق لهما]
ما هو حكم هؤلاء في الشريعة يا ترى؟! قال ابن قدامة رحمه الله: نُقِل عن الإمام أحمد عن الكاهن والعراف أن حكمهما القتل أو الحبس حتى يموتا.
ومن اعتقد من القراء الذين يقرءون هذه الأبراج -من اعتقد منهم اعتقاداً جازماً- أن كلام هذا العراف الفلكي حقٌ ويرسم حياته بناءً على ما كُتِب وفقاً لأقوال الكاهن والعراف؛ فلا شك أنه يكفر كفراً مخرجاً من ملة الإسلام، لا ينفعه صلاةٌ ولا صيامٌ ولا زكاةٌ ولا حجٌ، وهو مناقضٌ لشهادة التوحيد التي يلفظ بها في الصلاة.
والذي يأخذ قول الكاهن عن تجربة، يقول: أجرِّب، قد يكون صحيحاً وقد لا يكون، هذا قد وقع في الشرك العملي الشرك الأصغر.
الجاهل يُعَلَّم، والذي عنده شبهة يناقَش لتُزال الشبهة.
يعني: أقول: إن من المحاذير: إطلاق الكفر على الناس الجَهَلَة بالسهولة، لا.
إذا رأيت منهم من يصدق بهذا اجلس معه، ناقشه، وبيِّن له بالأدلة من القرآن والسنة هذا الكفر وهذا الشرك، وبعد ذلك إن أصر على كفره فهو كافرٌ ولا شك.
وقد سألنا بعض علمائنا عن حكم قراءة هذه الأشياء على سبيل التسلية؛ لأن بعض الناس يقولون: أنا أُمَضِّي الوقت، وأقرأ صفحة الاستراحة التي تحوي هذه الأشياء، ما حكم قراءتها للتسلية؟ قال علماؤنا: قراءتها للتسلية حرام لا تجوز، وهي ذريعة للشرك، وقد يصدق هذا القارئ للتسلية يصدق بعض ما جاء في هذه الأشياء، وتُقرأ هذه القضايا على صغارنا، يتربون عليها، تقرؤها عليهم أمهم أو أبوهم أو أخوهم أو خالهم، تُقرأ في البيوت بصوتٍ مرتفعٍ أحياناً، فتترسخ هذه الشركيات في عقول أطفالنا.
لماذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب عن النظر في صحائف التوراة المحرفة؟ لماذا غضب الرسول غضباً شديداً وهو يرى عمراً ينظر في صحائف التوراة؟ لا يجوز النظر أصلاً فيما كُتب من الشرك والكفر إلا لمن أراد أن يحذر الناس وينبههم بهذا الشر المستطير، عند ذلك يكون من باب الدعوة إلى الله، أو من يريد أن يرد عليهم، فيكون من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إذاً أيها الإخوة: يجب أن ننتبه لهذه الشرور والآفات، وأن نحصن أنفسنا ومجتمعاتنا وأولادنا من هذه الأشياء، نعلمهم التوحيد، فالقضية مرتبطة بالواقع، ليست خيالات أو آثار من القرون البائدة، إنها أشياء نسمعها اليوم ونقرأها.
وفقنا الله وإياكم للاعتقاد بالعقيدة الصحيحة، وأن نسير عليها، وأن نتمسك بتوحيد الله، وأن يوفقنا وإياكم لتجنب الشرك والكفر كبيره وصغيره، جليله وحقيره، وأن يجعلنا وإياكم على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
اللهم طهِّر قلوبنا من الشرك والنفاق والرياء.
اللهم وسدد ألسنتنا، واسلل سخائم قلوبنا، ووفقنا لما يرضيك، وباعد بيننا وبين ما لا يرضيك، واجعلنا ممن فقهته في الدين.
وصلوا على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشراً.