إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخواني: لا زال هذا القرآن الكريم كنزاً مدفوناً عند الكثيرين من المسلمين لم يستخرجوه بعد، ولم يطلعوا على ما فيه من القيم العظيمة التي أودعها الله في هذا القرآن.
من الناس من يقرأ القرآن لينال أجر التلاوة، ومنهم من يحفظ آياته لينال أجر الحفظ، ومنهم من يقرأ القرآن ليذوق حلاوة هذا النظم العجيب ويتعلم من بلاغة القرآن وأسلوبه أموراً كثيرة، ومن الناس من يقرأ القرآن ليبحث عن الأخلاقيات التي تحسن سلوكه، ومنهم من يقرأ القرآن يريد فيه حلاً للمشكلات الاجتماعية، ومنهم من يقرأ القرآن يريد فيه حلاً للمشكلات الاقتصادية، هذا كله أمر مهم، ولكن لا بد أن نقرأ القرآن لهذه الأغراض كلها مجتمعة، ولا بد أن نقرأ القرآن لنستخرج منه التطورات الإسلامية والمكرمات العظيمة التي يجب أن يتربى عليها الفرد المسلم، ولأننا في غمرة تلاوتنا للقرآن ما بين جهل بمعاني ألفاظه وبين مرور سريع يمنعنا من التدبر في أعماقه، فإنه لا زالت هناك كثير من التصورات الإسلامية في هذا القرآن مدلولة للكثيرين.
وهذا الكتاب العظيم له أهمية كبرى نريد أن تكون هذه الأهمية واضحة بوعي وليست واضحة بمجرد البركة والتقديس الذي يجده كثير من العوام في أنفسهم تجاه هذا الكتاب العزيز، وحتى أوضح لكم ما أردت أن أشير إليه فإني أستعرض وإياكم طائفة من التصورات القرآنية من أوائل القرآن الكريم في أوائل سوره لعلنا نجد معاً ما هو المقصود بالعمق المطلوب في دراستنا للقرآن الكريم؟