واستُدل بهذه الآية على أنه يجب على الرجل أن يتعلم ما يجب من الفرائض وأن يعلمها لهؤلاء، وإن من المعذبين يوم القيامة من جهل أهله -من كان أهله يعيشون في جهل- وهذه الكلمة تشمل الأولاد والزوجة، وتشمل العبيد والإماء أيضاً:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه:١٣٢].
فأول واجبات الرجل المسلم أن يحول بيته إلى بيت مسلم، وأن يوجه أهله إلى أداء الفريضة التي توصلهم بالله، وما أروع الحياة في ضلال بيت أهله كلهم يتجهون إلى الله! إن تبعة المؤمن في نفسه وأهله تبعة ثقيلة رهيبة، فالنار هناك، وهو متعرض لها هو وأهله، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون النار، هذه النار التي تنتظر هناك.
إن المؤمن مكلف بهداية أهله -هداية الدلالة والإرشاد- وإصلاح بيته، كما هو مكلف هداية نفسه وإصلاح قلبه.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهذا الحديث يبين لنا مسئولية المسلم، المسئولية العامة التي لا تستثني أحداً:(كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع في أهله وهو مسئول، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول) هذا لفظ البخاري.
وكان عمر رضي الله عنه له ساعة من الليل يصلي فيها، وكان إذا استيقظ أقام -أيقظ- أهله، فقام وقال:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه:١٣٢].
وليست هذه المسألة سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقط، بل إنها طريقة الأنبياء من قبل:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً}[مريم:٥٤ - ٥٥] فهذا إسماعيل يأمر أهله بالصلاة والزكاة.