عباد الله: في ذلك اليوم العظيم؛ في خمسين ألف سنة ما حال المؤمنين؟ قال الله سبحانه وتعالى:{وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}[النمل:٨٩] وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر) على المؤمنين فقط، والإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، ليست القضية بالأماني:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}[النساء:١٢٣] سلعة الله غالية حفت بالمكاره، فالمؤمنون يكون ذلك اليوم عليهم مثل ما بين الظهر والعصر، مثل وقت وجبة الغداء ينتظرون الكرامة من الله في ظل العرش؛ لا يصيبهم لهب الشمس، ولهم طعام وشراب، بين النبي صلى الله عليه وسلم أن طعامهم الثور والحوت، ثورٌ يرعى في أطراف الجنة ينحر لهم، ويأكلون ذلك النون وهو الحوت في ذلك الموقف يأكلون الحوت، ويوزع عليهم زيادة كبد الحوت فقط، وزيادة الكبد ألذ شيء في الكبد، يأكل منها سبعون ألفاً، هذه الضيافة في ذلك اليوم كما ثبت في الحديث الصحيح، والشراب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي يصب فيه نهر الكوثر، ميزاب من الجنة يصب في الحوض، وهو نهر الكوثر، لا ظمأ، ولا جوع، ولا حر، والوقت ما بين الظهر إلى العصر، وبقية الناس يا ويلهم! وحديث وفد بني المنتفق حديثٌ مشهورٌ رواه عددٌ من الأئمة في كتبهم، وقال بعضهم إن في سنده ضعفاً، ولكن قواه بعض أهل العلم كـ ابن القيم رحمه الله، وقال الهيثمي عن أحد أسانيده: إن رجالها ثقاة، وإسناده متصل، قام النبي عليه الصلاة والسلام خطيباً، فقال:(أيها الناس! ألا قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام ألا لتسمعوا اليوم، ألا أني مسئولٌ هل بلغت! ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا) فجلس الناس، وقام هذا الوافد مع صاحبه، وحدثهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(ثم تبعث الصائحة، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها شيئاً إلا مات، والملائكة الذين مع ربك) حتى هم يموتون، ثم يبعثهم الله (فأرسل ربك السماء تهضب من عند العرش) تهطل منياً كمني الرجال، فتنبت الأجساد من الأرض (فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيلٍ، ولا مدفن ميتٍ إلا شقت القبر حتى تخلفه من عند رأسه، فيستوي جالساً) لأن الله سبحانه وتعالى وصف الحشر كالماء الذي ينزل فتحيا به الأرض مع أنها كانت ميتة {كَذَلِكَ النُّشُورُ}[فاطر:٩] كما قال الله، فيقول ربك: متى عهدك يا بن آدم؟ يقول: أمس اليوم {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}[الأحقاف:٣٥] لعده بالحياة يحسبه حديثاً بأهله، فقلت: يا رسول الله! فكيف يجمعنا بعد أن تمزقنا الرياح والبلى والسباع؟ فمثل له الأرض الميتة إذا نزل عليها المطر، ثم قال: فتخرجون من قبوركم فتنظرون إليه وينظر إليكم، ثم بعد ذلك قال صلى الله عليه وسلم لما سئل ماذا يفعل بنا ربنا إذا لقيناه؟ قال:(تعرضون عليه باديةً له صفحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من ماء، فينضح بها قبلكم، فلعمر إلهك ما يخطأ وجه أحد منكم منها قطرة، فأما المسلم، فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر، فتنضحه، أو قال: بمثل الحمم الأسو) هكذا يكونون في سواد زرقة وسواد، هذا شيء مما يكون يوم الحشر، وهو شيء آتٍ آتٍ لا محالة، وكل ما حولنا من المتع والملذات سيفنى، ولا يبقى إلا العمل الصالح، فالعمل العمل، والبدار البدار.
اللهم تب علينا وارزقنا توبةً نصوحاً، اللهم أحسن عملنا، اللهم اجعل وفاتنا على طاعتك، اللهم اجعل وفاتنا على طاعتك، فإن العبد يحشر على ما مات عليه، اللهم اجعلنا يوم الفزع من الآمنين، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأظللنا في ظل عرشك يا كريم، اللهم اجعل حسابنا يسيراً، اللهم اجعل حسابنا يسيراً، اللهم اجعل حسابنا يسيراً يا رب العالمين.