[وصف الحديث بلغة الشعر]
مهج تذوب وأنفس تتحسر ولظى على كل القلوب تسعر
الحزن أضرم في الجوانح والأسى يصلى المشاعر باللهيب ويصهر
كيف التحدث عن مصابٍ فادح أكبادنا من هوله تتفطر
كل امرئ فينا يدوم تعاسة والبؤس في دمه يغور ويزخر
لم لا وقد فقدوا أباً ومهذباً ورعاً بأنواع المفاخر يذكر
لما بدا للحاضرين كيانه والنعش يزهو بالفقيد ويفخر
هلعت لمنظره النفوس كآبة وبدا على كل الوجوه تحسر
نظروا إليه فصعدت زفراتهم والدمع غمر في المحاجر يحمر
كل يحاول أن يغطي دمعه لكنه يلقي النقاب فيسفر
يتزاحمون ليحملوه كأنهم سيل يموج وأبحر لا تجزر
يا راحلاً ريع الثقات بفقده وبكى تغيبه الحمى والمنبر
لو كنت تفدى بالنفوس عن الردى لفدتك أنفسنا وما نتأخر
لكن تلك طريقة مسلوكة وسجية مكتوبة لا تقهر
كل امرئ في الكون غايته الردى والموت حتم للأنام مقدر
كتب الفناء على الأنام جميعهم سيان فيهم فاجر ومطهر
لكن من اتخذ الصلاح شعاره تفنى الخليقة وهو حي يذكر
ما مات من نشر الفضيلة والتقى وأقام صرحاً أسه لا يكسر
ما مات من غمر الأنام بعلمه الكتب تشهد والصحائف تخبر
يا ناصر الإسلام ضد خصومه لك في الجهاد مواقف لا تحصر
قد كنت للدين الحنيف معضداً وبشرعة الهادي القويم تعبر
كم من فؤاد عام في لجج الهوى أنقذته أيام كنت تذكر
بصرته بهدى المشرع فارعوى عن غيه فلك الجزاء الأوفر
طوراً تحذره العذاب وتارة برضا الإله وما أعد تبشر
ولكم خطبت على الأنام مذكراً أن الحنيف على العباد ميسر
يا زاهداً عرف الحياة فما هوى في المغريات ولا سباه المظهر
نم في جنان الخلد يا علم التقى وانعم بظل وارف لا يحسر
إن شاء الله.
اللهم تغمد شيخنا عندك برحمتك يا أرحم الراحمين، وارفع منزلته في أعلى عليين، واخلف في عقبه في الغابرين، واخلف على الإسلام وأهله بخير يا رب العالمين! اللهم اجبر مصابنا، اللهم اجبر كسرنا، وصبرنا على مصابنا، اللهم اجعلنا عاملين بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، واجعلنا رجاعين لأهل العلم، واجعلنا من أهل العلم، واجعلنا أوفياء لأهل العلم، واجعلنا من الذين ينشرون العلم يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك أن تعلي للشيخ درجته في الجنة، وأن تلحقه بمنازل الأبرار والشهداء والأنبياء، وأن تجعله ممن يلتقي بهم يا رب العالمين.
اللهم إننا شهدنا بأنه صاحب فضل وعلم وخير، وإن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم قد أخبر أننا شهداؤك في الأرض، وقد شهدنا له بما له من الخير، وأنت تعلم السر وأخفى، وأنت بصير بالعباد، لا نزكي عليك أحداً، أنت حسيبه وحسيبنا وحسيب كل أحد.
اللهم فإنا نسألك له المغفرة ورفعة الدرجات، انشر رحمتك عليه وعلى العباد، اللهم ارزقنا الجنة وأعتقنا من النار نحن ووالدينا وأموات المسلمين يا غفار! واعلموا -أيها الإخوة- أن صلاة الغائب قد ذكر فيها العلماء أقوالاً، فمنهم من قال: لا يصلى عليه إذا صلي عليه كما اختار ذلك ابن القيم وغيره من المحققين، ومنهم من قال: يصلى على أئمة الهدى صلاة الغائب، ومنهم من قال: لكل أحد، وقد صدر التوجيه بصلاة الغائب عليه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن رحمهم ورفع درجاتهم ومنزلتهم في الجنة إنه سميع مجيب قريب.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.