وإذا كان قد حدث في يوم الإثنين أحداث كثيرة تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم فليس يوم مولده بأحق من بقية الأحداث، بل إننا لا شك لو سألنا سؤالاً وقلنا: أيهما أعظم يوم بعثته أم يوم مولده؟ ما هو الحدث الأهم للبشرية: يوم ولادته أم يوم بعثته؟ يوم بعثته أهم، لا شك في ذلك، هو اليوم الذي صار فيه نبياً، هو اليوم الذي نزل عليه فيه الوحي، هو اليوم الذي أعلن فيه ميلاد هذا الدين؛ وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وإذا عرفنا كذلك أنه هاجر يوم الإثنين فأيهما أعظم بالنسبة للإسلام والمسلمين، وأكثر أثراً وظهوراً: يوم ولادته أم يوم هجرته؟ لا شك أن الهجرة أعظم، فإن الولادة لا تقارن بالنسبة للهجرة، ذلك اليوم الذي كان إيذاناً بانتقال الدين والمسلمين من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة القوة، من مرحلة الإيذاء والاضطهاد إلى مرحلة قيام الدولة، ولا شك أن الهجرة إذاً حدثٌ عظيم مبارك، ومن أجل ذلك جعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه بداية التاريخ الإسلامي.
المناسبة الحقيقة التي كانت فيها بداية الانطلاقة الكبرى في التاريخ الإسلامي هي الهجرة، لأن ما بعد الهجرة كان قيام الدولة والانتصارات والفتوحات والجهاد، وما بعد الهجرة كانت الانطلاقة في أرجاء الجزيرة العربية في نشر الدين وخارج الجزيرة العربية، ولذلك لا يمكن أن نقارن يوم الهجرة بيوم المولد ولا يوم البعثة بيوم المولد، فإن يوم الهجرة أعظم من يوم المولد، ويوم البعثة أعظم من يوم المولد، ولكن كثيراً من المبتدعة لا يفقهون ذلك، فيحتفلون بميلاده ويفضلونه على الأيام الأخرى، وليس يوم ولادته بأحق من يوم بعثته ولا هجرته، بل وقد مات في يوم الإثنين.
ونقول لهم: إذا كنتم ستجعلون احتفالاً بمولده يوم الإثنين فلماذا لا تجعلون مأتماً في يوم وفاته، فإن البدعة واحدة؟ ما دمتم ستفرحون بيوم الإثنين فلتجعلوه مأتماً أيضاً، فإذاً يتبين لك أن القوم لا يسيرون على هدى ولا على طريقٍ مستقيم، وأن الاحتفال بالمولد النبوي إنما هو بدعة من البدع.