للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلاح الدين وتطوير السلاح والعتاد]

وأما بالنسبة لجانب الأسلحة والمؤن والعتاد، فإنه كان رحمه الله يحرص على إعداد ما يكافئ المهمة، وقد اهتم بقضية السلاح اهتماماً كبيراً حتى طلب من أحد رجاله أن يؤلف له كتاباً حول الموضوع يشمل أنواع السلاح، وطرق صناعتها، وكذا استخدم الأسلحة التي تناسب الغرض المنشود من الأثقال والأحمال من العدد الواقية، والدروع السابغة، والنصال، والخوذ، والنقود، والمنجنيقات العادية والتركية والإفرنجية، وكان لدى صلاح الدين خبراء بالمنجنيقات، وطور المسلمون سلاحاً مهماً جداً من خلال الحروب الصليبية بفضل الله، ثم بدعم صلاح الدين وهو سلاح النفط؛ وسلاح النفط جمع صلاح الدين من أجله النفاطين والزراقين؛ النفاطين: خبراء في هذا النفط، وطوروا سلاحاً وهو خليط من خلطة من الزيوت، والنورة المطفأة وغير المطفأة، والنفط، والصمغ، والكبريت، والخل، وشحوم الحيوانات، ونخالة الحنطة، وهي تخضع لعمليات شبه كيميائية، لها طرق حتى تصبح هذه الخلطة مثل الألغام المتفجرة تقريباً، وكانت هذه الخلطة ترمى من المنجنيقات بواسطة النشاب وعلى ظهور الخيل، وتوضع في قشر البيض بعد إخراج ما في البيضة، فتوضع الخلطة داخل هذه البيضة ويغلق عليها وترمى من أقواس مخصوصة، كما طوروا أنواعاً من سلاح النفط يسير على الماء دون أن ينطفئ ليصطدم بمراكب العدو، ويحرقها ويغرقها في البحر أشبه بالألغام المائية الموجودة الآن.

وساعد الخليفة العباسي الذي أسدى له صلاح الدين خدمات جليلة بإرسال حمولات من النفط ومعهم جماعة من النفاطين وجماعة من الزراقين -خبراء الرمي- النفاطين: خبراء النفط التركيبة، والزراقين: خبراء الرمي، فكان عندهم هذه الزراقات أنابيب خاصة لرمي هذه المواد الملتهبة.

وكان من الأسلحة التي استخدمها صلاح الدين أيضاً: المثلثات والمسدسات؛ والمثلثات: عبارة عن حديدة لها شوكتان تغرس في الأرض وشوكة على ظاهر الأرض، والمسدسات: ثلاث شوكات في الأرض وثلاثة على سطح الأرض، حتى إذا داستها خيول الأعداء نفرت وأوذيت إيذاءً شديداً، وطاحت في الأرض وطرحت من عليها، وكانت ترمى في الطرق التي من المتوقع أن يسلكها الأعداء.

وطور المسلمون كذلك سلاح الدبابات؛ والدبابة كانت عبارة عن بناء من الخشب تصميم معين، يغلف بقطع من القماش والستائر المبلولة بالخل، والخشب المضادة للنيران، وكانت تسير على عجلات خشبية، وكان يستتر في داخلها الجند، أو تملأ بالمواد الملتهبة لتدفع دفعاً إلى الأسوار لتدمرها، وكانت تحمي من بداخلها.

وكذلك تستخدم هذه الستائر التي صنعها المسلمون لحماية الأبراج والدبابات والسفن والمنجنيقات، هذا بخلاف السيوف والرماح والتروس والدروع والجنديات التي كان يسير بها مجموعة من الجنود تقيهم ما أمامهم، وكان لدى جنود صلاح الدين مطارق خاصة لتهشيم خوذ الأعداء وضربهم على رءوسهم.