ابن المديني رحمه الله له موقف آخر في مسألة إظهار بعض الأشياء في بعض الأماكن لمصلحة معينة، فقد قال يحيى بن معين: كان علي بن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة، وإذا ورد إلى البصرة أظهر التشيع.
فهذه العبارة يجب معرفة معناها، وقد شرحها الذهبي حيث قال: كان يظهر ذلك بـ البصرة ليؤلفهم على حب علي رضي الله عنه، فإنهم عثمانية.
أي: أهل البصرة كان فيهم بغضٌ لـ علي رضي الله عنه تعصباً لـ عثمان.
لما كان علي بن المديني يدخل البصرة يظهر التشيع، ما معنى التشيع؟ أي: نصرة علي، وإظهار فضله، وذكر مناقبه؛ لمعالجة انحراف أهل البصرة في كره علي والتعصب لـ عثمان، وقد كانت مدينة الكوفة معروفة بتشيعها، فكان ابن المديني إذا دخل الكوفة، لا يظهر التشيع؛ لأن أهلها لا يحتاجون إلى إظهار التشيع؛ لأنهم متعصبون لـ علي.
إذاً: ما حصل منه رحمه الله من التَّقِيَّة في مسألة خلق القرآن كان اضطراراً، وكما قال بعض المؤرخين وهو الصحيح:"أنه إنما أجاب خشية السيف".