أحياناً: يكون سبب التنافر حب الرئاسة، وهذا سببٌ دقيق وهي الشهوة الخفية التي جاء التعبير في بعض الآثار، حب الرئاسة هذا يريد وأن تكون له القيادة والريادة، وأنه يجمع في يده زمام أكبر عدد ممكن من المسئوليات، وقد يكون صاحب شخصية قوية.
والشخصيات القوية في الغالب تنزع هذا المنزع، وعندما يجتمع مجموعة من الناس في وسط، فإن من الأمر أنه لا يخلو أن يوجد أكثر من واحد صاحب شخصية قوية، وأكثر من واحد يريد أن تكون له القيادة ويريد أن يستلم الريادة، ويريد أن يكون هو الذي يوجه ويسير دفة الأمور.
والعادة أن هذه الشخصيات لا تتنازل بسهولة عن آرائها، ولا ترضى بسهولة أن تطبق فكرة شخص آخر، وعندما يجتمع اثنان على الأقل من هذه النوعية، كلٌ منهما يريد أن تكون له الكلمة، يحدث بينهما تنافر وابتعاد، ويرى كلٌ منهما أنه أهلٌ لأن يكون في هذا المكان.
ولذلك ترى حالة هذا الوسط المصغر الذي نتكلم عنه والذي وضعنا الآن شريحته تحت المجهر، إما أن يكون الصراع قائماً محتدماً لفترةٍ طويلة من الوقت حتى يهدي الله أحدهما أو كلاهما، أو أنك تجد واحداً استطاع أن يسيطر على الموقف ويقهر الآخر، فيضطر الآخر إلى الخروج من الساحة، أو أن يقبع ساكتاً طيلة الوقت، ويكون ما بينهما من الضغينة والبغضاء شيء كثير جداً.