عباد الله: إن على المسلم أن ينظر في أي شيء يصرف وقته، قال بعض أهل العلم: رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع، أو بقراءة كتاب وسمر قراءة كتاب في أي شيء؟ فيما لا ينفع ككثيرٍ من القصص التافهة، والمجلات الماجنة، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة، أو في الأسواق، هذه ملاحظة أحد علماء العراق في زمانه، قال: تراهم في أطراف النهار على دجلة -كما يضيع كثير من الناس أوقاتهم على الأرصفة والشواطئ والصف في الأسواق، تضيع الأوقات عمرٌ يهدر، شهورٌ وسنواتٌ تجري وهو لم يفعل غير الصف في الأسواق، والجلوس في الطرقات، وإضاعة الأوقات في الملاهي والمحرمات، ليتهم كان صرفهم لوقتهم في شيء لا يضرهم! ولكنه يصرفونه فيما يضرهم ولا ينفعهم- قال: وهم في أطراف النهار على دجلة، أو في الأسواق، فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبرها.
لماذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، ونهى عن سؤال ما لم يقع؟ لأجل حفظ الوقت، فيكون حال الجاهل بحق ربه ومصلحة نفسه من يضيع أوقاته في مثل هذه الترهات، وكثيرٌ ما هم! ونحن قادمون على إجازة في شهرٍ كريمٍ، فما هي الخطة؟ وما هو المنهج؟ وماذا كان الإعداد.
عباد الله! إن العوارض كثيرة، والأشغال متعددة، وتتزاحم الهموم، وينشغل التفكير، ويتكدر صفاء الذهن بمشكلات الحياة الكثيرة، ولذلك لا بد من اغتنام الأوقات قبل عروض المشاغل، والإنسان لا يدري ماذا تخبئ له الأيام، وبعض الناس قد انشغل بمرض سنوات طويلة أقعده وآلمه، وصرفه عن سعيه ونشاطه، ولا يظنن الشاب أن الأمر سيستمر على ما هو عليه.
أترجو أن تكون وأنت شيخٌ كما قد كنت أيام الشبابِ
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب دريسٌ كالجديد من الثيابِ
وينبغي على الطالب أن يغتنم وقته قبل أن يصبح موظفاً، وكذلك من لم يتزوج ينتهز وقته قبل أن ينشغل بالزواج والأولاد وهكذا تشغل الحياة الدنيا من فيها، فالسعيد العاقل من انتهز الوقت وعرف قيمته.
عباد الله: تمر بنا إجازات كثيرة، وعُطلٌ عن الأعمال في آخر الأسبوع وغيرها، ففي أي شيء تقضى؟ وفي أي شيء تصرف؟ والمسألة تحتاج إلى إمام يدفع لقضاء الأوقات في الطاعات.