[أبيات شعرية فيمن لبس عليه سماع الغناء]
ثم قال رحمه الله في شأن هؤلاء المخدوعين بخدعة إبليس، ولقد أحسن القائل:
تُلِيَ الكتاب فأطرقوا لا خيفة لكنه إطراق ساه لاهي
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا والله ما رقصوا لأجل الله
دف ومزمار ونغمة شادن فمتى رأيت عبادة بملاهي
ثقل الكتاب عليهمُ لا رأوا تقييده بأوامر ونواهي
سمعوا له برقاً ورعداً إذ حوى زجراً وتخويفاً بفعل مناهي
ورأوه أعظم قاطع للنفس عن شهواتها يا ذبحها المتناهي
وأتى السماع موافقاً أغراضها فلأجل ذاك غدا عظيم الجاه
أين المساعد للهوى من قاطع أسبابه عند الجهول الساهي
إن لم يكن خمر الجسوم فإنه خمر العقول مماثل ومضاهي
فانظر إلى النشوان عند شرابه وانظر إلى النسوان عند ملاهي
واحكم فأي الخمرتين أحق بالتحريم والتأثيم عند الله
فخمرة الغناء أعظم من خمرة السكر بأنواع الخمور، وقال آخر:
برأنا إلى الله من معشر بهم مرض من سماع الغنا
وكم قلت يا قوم أنتم على شفا جرف ما بها من بنى
شفا جرفٍ تحته هوة إلى دركٍ كم به من عنا
وتكرار ذا النصح منا لهم لنعذر فيهم إلى ربنا
فلما استهانوا بتنبيهنا رجعنا إلى الله في أمرنا
فعشنا على سنة المصطفى وماتوا على تنتنا تنتنا
ولئن كانت هذه الطائفة -ولله الحمد- في انقراض في العالم الإسلامي الآن مع انتشار هذه الصحوة المباركة وطريقة السلف الصالح، إلا أنه لا يزال فيهم في أنحاء العالم الإسلامي من هؤلاء الذين يعبدون الله بالرقص والأغاني والمواجيد والتمايل والمدائح النبوية وغيرها، التي يلحنونها تلحيناً مطرباً يزعمون أنهم يؤجرون على هذه المجالس، لا زال فيهم من يعيش بين أظهرنا، لا زال فيهم من هؤلاء النفر من يحتاجون إلى مجاهدة ومصابرة.