[مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة لا باسمه صلى الله عليه وسلم]
ثم لاحظ أيضاً من الخصائص النبوية: أن الله تعالى خاطب الأنبياء بأسمائهم، ولم يخاطب نبينا عليه الصلاة والسلام باسمه، يناديهم بأسمائهم، فقال:{يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة:٣٥]{قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا}[هود:٤٨]{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ}[الأعراف:١٤٤]{يا إبراهيم * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا}[الصافات:١٠٤ - ١٠٥]{يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ}[المائدة:١١٠] في آيات كثيرة، وأما نبينا عليه الصلاة والسلام فلم يناده ربه ولا مرة:(يا محمد!) لكنه ناداه وخاطبه بالنبوة والرسالة، فقال:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ}[المائدة:٤١]، وقال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال:٦٤] فزيادة في التشريف والتكريم له خاطبه بالنبوة والرسالة، وبقية الأنبياء خاطبهم بأسمائهم، ولا يخفى على أحد أن السيد إذا دعا أحد عبيده بأفضل ما وجد من الأوصاف العلية والأخلاق السمية، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام، فإن الذين دعوا بالوصف أعلى منزلة من الذين دعوا بالاسم، فلو قال مثلاً وهو يخاطب أحد عبيده: يا أيها الأمين، يا أيها الذكي، يا أيها الخبير، غير ما يقول مثلاً: يا مرجان، يا فلان، فإذاًَ الله سبحانه وتعالى خاطبه بمقام الرسالة، وخاطبه بمقام النبوة، ولما ذكر اسمه في القرآن قرنه بذلك:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح:٢٩]{وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}[محمد:٢]{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}[آل عمران:١٤٤] فهو ليس نداءً وخطاباً، وإنما لما ذكر اسمه قرنه بالنبوة والرسالة.
ثم من أمر الأمة لتوقيره عليه الصلاة والسلام: أن الله نهى المؤمنين أن يخاطبوه باسمه، قال سبحانه وتعالى:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}[النور:٦٣] بينما بنو إسرائيل: {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}[الأعراف:١٣٨]{إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}[المائدة:١١٢] لكن الصحابة لا يمكن أن ينادوا النبي عليه الصلاة والسلام باسمه، إنما يقولون: يا رسول الله! يا نبي الله!