ويجب إثبات نسبه لأبيه، فالشريعة تعتني غاية الاعتناء بقضية النسب لما يترتب عليها من الأحكام في المحرمية والميراث والحضانة وأشياء كثيرة تترتب على قضية النسب، فأنساب أولادنا ليست ضائعة في الشريعة، بخلاف أنساب أولادهم من أولاد الزنا وأدعيائه، ومن ينسب إلى غير أبيه بكل سهولة، ومن ينتقل عن أبيه الحقيقي قانونياً في المحكمة لديهم.
ولإثبات النسب جاءت الشريعة بحديث:(الولد للفراش وللعاهر الحجر) فمن ولد على فراشه فهو ولده، وهذا أقوى شيء في الموضوع لا يلتفت إلى غيره، وإذا أقر بالنسب ألحق به، وإذا قامت البينة على النسب فكذلك، بل يستعمل القافة الذين يعرفون آثار الأقدام، وتخطيطات الأرجل، والملامح والشبه، لإثبات النسب في حالة تعذر معرفته، ويلحق الولد بأبيه، ولو عرَّض بنفيه فإنه يلحق به، ولو خالف لونه لون أبيه، لحديث الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم:(ولد لي غلام أسود -يعرض بنفي الولد ولم يصرح- الحديث، وفيه قال النبي عليه الصلاة والسلام: فلعل ابنك هذا نزعه عرق، فخرج لجد قديم من أجداده).
والانتفاء من الولد الشرعي كفر كما نص عليه الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:(كفى كفراً بامرئ ادعى نسباً لا يعرفه، أو جحده وإن دق) رواه أحمد، وهو حديث حسن.
فإذا جحد إنسان ولده الشرعي اتهمته الشريعة بالكفر تغليظاً لهذه الجريمة.
ولو زنت المرأة وهي على فراش زوجها، فالولد ولده لحديث:(الولد للفراش) ما لم ينفه ويتبرأ منه، ولا يجوز له نفيه إلا ببينة وحجة شرعية، فإذا نفى الولد فإنه يلحق بأمه كما جاء في الحديث:(أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين الرجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة) رواه البخاري ومسلم.
ولا ينتفي إلا إذا نص على نفيه، كما ذكر ذلك الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فإن لاعن المرأة من غير أن ينفي الولد، فالولد ولده؛ كل ذلك حفظاً لنسب الولد، وحفظاً لحياته في المستقبل، وحفظاً لمكانته في المجتمع.