[إلقاء الشك والريبة بين المسلمين؛ ونشر الخرافة بينهم]
إلقاء الشك والريبة بين المسلمين: (احترسوا من الناس بسوء الظن) أي أن الزمان قد فسد الآن فلابد أن تسيء الظن في كل واحد، تأخذ احتياطك منه فتفترض في الأصل أنه سيء فتسيء الظن به، فتكون النتيجة أن كل مسلم ينظر لأخيه بمنظار أسود، أكيد أنه يريد أن يؤذيني! أكيد أنه يريد أن يفعل بي كذا! يريد بي شراً! وهكذا.
كذلك انظر من الخرافات العجيبة (إن الله أعطاني نهراً يقال له الكوثر في الجنة لا يدخل أحدٌ أصبعه في أذنيه إلا سمع خريره) يعني: إذا أدخلت أصبعك في أذنيك فإنك تسمع خرير نهر الكوثر، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، الآن من مجرد ما نضع أصابعنا في آذاننا فإننا نسمع خرير نهر الكوثر! والأحاديث الموضوعة في فضائل الأطعمة ما أكثرها (اجعلوا في موائدكم البقل فإنه يطرد الشياطين) (إن الله تعالى يوكل بآكل الخل ملكين يستغفران له) (عليكم بالقرع فإنه يزيد بالعقل) (عليكم بالعدس فإنه مبارك ويرق القلب، ويكثر الدمع، وقد قدس على لسان سبعين نبياً) (شكا نبيٌ من قلة الولد فأمره أن يأكل البيض والبصل) إلى آخر هذا الهراء، ومنها: (اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تنجي الدين عن صبيانكم) إذاً والله نأخذ هذه الحمام، أو نوعاً من الحمام ونربيها في البيوت! (إذا كتبت فضع القلم في أذنيك فإنه أذكر) يعني أن هذا يقوي الذاكرة إذا وضعت القلم على أذنك، اعتقادات ليس لها أصل ولا دليل بل هوس وهراء.
بعض الناس يشيع عندهم إذا كانت المرأة تسقط دائماً الجنين حديث: (يا رسول الله! إني امرأة لا يعيش لي ولد فقال: اجعلي لله عليك أن تسميه محمداً ففعلت فعاش ولدها) فصار بعض الناس الآن إذا صارت امرأته دائماً تسقط يقول: لله علي نذر أن أسميه محمداً لكي يعيش.
التضييق على الناس في أمورٍ من المباحات، بعض الناس يرجع من دوامه الساعة الثانية والنصف تعباً مرهقاً يصلي ويتغدى، فلا يجد فرصة للراحة والنوم إلا بعد العصر فيأتيه حديث: (من نام بعد العصر ففقد عقله فلا يلومن إلا نفسه) فماذا يفعل؟ رجل هذه ظروفه الآن متعب، فنقول: لا.
لا تنم بعد العصر فإنه يجلب الجنون، فماذا يفعل؟! إنسان لا يمكن أن يعيش مع زوجته أكثر من ذلك لوجود مشكلة بينه وبين زوجته، الطلاق في بعض الأحيان هو الحل الوحيد، لكن ليس في كل الأحيان، فإنه يمكن في كثيرٍ من الأحيان تدارك الوضع وتحسين الأشياء بغير الطلاق، الطلاق أحياناً يكون خطيراً، وأحياناً لا يكون الحل بالطلاق فيأتي حديث: (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له العرش) مهما كانت سيئة خلق؟! مهما كان عدم التوافق موجوداً؟! لا يمكن أن يطلق فكيف يعيش الزوج؟! يعيش في جحيم.
تحريم أشياء من المباحات فيها بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة، واحد يريد مثلاً أن يتزوج، شاب يحتاج للزواج -وأهل مكة لا مشكلة عندهم في هذا الموضوع- لكن واحد يريد أن يتزوج، محتاج للزواج فأتاه الحج قبل التزوج: (من تزوج قبل أن يحج فقد بدأ بمعصية) سبحان الله! كيف يكون إعفاف الرجل نفسه وإحصانه فرجه سبباً للمعصية؟ هل هذه معصية؟! من قال ذلك؟ يقول: لا.
لا يجوز، بعض الناس عندهم اعتقاد (لا يجوز الزواج قبل الحج بل لا بد أن تحج أولاً).
الذي ما عق عنه أبوه في الماضي فإنه لا بد من أن يعق قبل أن يعتمر أو يحج وإلا فستصير عمرته أو حجه باطلاً، وبعض الناس عندهم اعتقادات بهذا، وأحياناً يكون أساسه حديثاً ضعيفاً أو موضوعاً.
وأحياناً تؤدي الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى احتقار النساء، مثل حديث: (لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة)، أو حديث (شاوروهن وخالفوهن) هناك شخص كان دائماً يستشير زوجته تقول كذا فيفعل هو العكس، في يوم من الأيام تضايقت وقالت: أنت يا فلان! تأخذ بخلاف مشورتي، قال: أنا عندي حديث ((شاوروهن وخالفوهن).
(سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن) إذاً: لا بد أن الواحد يمشي رويداً رويداً ويخالف مشية الرسول صلى الله عليه وسلم.
(نسخ الأضحى كل ذبح) انتهت القضية فلا عقيقة ولا غيرها من الذبح! (من رفع يديه في الصلاة فلا صلاة له) قضاء على سنة رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه.
حديث جذب الرجل في الصف، إذا أتيت ولم تجد لك مكاناً تجذب رجلاً، غير صحيح والحديث الذي فيه ضعيف والناس يطبقونه.
وحديث (من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني) لا بد من الزيارة لكل من أراد أن يحج، ولو ما زار فحجه باطل، أو ناقص إلى آخره.
أيها الإخوة الكرام: لقد عرفنا أن الخطورة ليست فقط في نسبة هذه الأحاديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنها خطورة في حد ذاتها، أحياناً يكون معنى الحديث صحيحاً، مثلاً: (من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له) هذا الحديث ضعيف لكن معناه صحيح، فالمجاهر بالمعصية ليست له حرمة في الغيبة، ولكن لا يجوز أن ننسب هذا الحديث فنقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له) لا.
هذه مسألة خطيرة أن ننسب حديثاً ضعيفاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان معناه صحيحاً، فكيف إذا انضاف أن هذا الحديث الموضوع له أثر سيء على الناس كما بينا في المحاضرة.