وهنا نتوقف قليلاً قبل أن نتابع كلامه -رحمه الله- في قضية الإعلان، لنذكر حكم زواج الهبة، الذي يسميه بعض الناس كذلك.
إذا لم يوافق أبوها، وأحبها وأحبته، وتعلق بها وتعلقت به، هرب بها، أو اختلى بها، وقال: زوجيني نفسك، فتقول: زوجتك نفسي، فيقول: قبلت.
وقد يستدعي بعض هؤلاء الجهلة من أرباب المعصية، يستدعي اثنين من أصحابه، ليشهدوا على هذا العقد ليكون حلالاً بزعمه ألا فليعلموا أن هذا النوع من العقد باطل باطل باطل، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فللولي الحق في تزويج المرأة، ولكنه ليس مستبداً بذلك، بل وضعت الشريعة له شروطاً: ١ - منها: أن تكون المرأة راضية.
٢ - ألاَّ يعضل المرأة، وإلا يخلع من الولاية وتجعل إلى غيره، فالذي يزعم أنه أحب امرأة وتعلق بها وتعلقت به، وأن أهلها لا يوافقون على الزواج، فيهرب بها، أو يذهب إلى بلد، ويقول: إن فيه شيخاً يزوج بغير ولي، فإن ذلك باطل بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما مسألة الهبة؛ أن تهب المرأة نفسها لرجل، فإن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب:٥٠] فهذا حكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأما غيره فليس هناك شيء اسمه زواج الهبة، أن تقول: وهبتك نفسي، فيقول: قبلت، ويكون عقداً شرعياً، هذا محال ولا يكون في هذه الشريعة، وبعض الناس يريدون التحايل بأي طريقة، ليصل إلى فرج امرأة، فهذا إنسان فاسق متحايل على الشريعة والدين، وفعله حرام، ويأثم بذلك، وبهذا تتبين قضية الزواج بامرأة دون موافقة أهلها أو الهرب بها، أو الذهاب إلى بلدٍ لا يشترطون فيه في المحكمة الولي ونحو ذلك.