من الأخطاء والخلل في عدم وضوح التصور الشرعي في الولاء والبراء المبني على قوله تعالى:{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة:٢٢]، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[المائدة:٥٥] بين الولاية لمن والمعاداة والعداوة لمن، لكن عدم ترسخ هذا المفهوم عند الناس؛ جعل الإقليمية تظهر والقبلية تظهر، والعرقية تظهر، والجنسيات المختلفة يظهر فيها الولاء والعداء عليها، وتزول محبة المؤمنين وتحل محلها محبة الكافرين، وترى الإعجاب بالنصراني الكافر أشد من محبة المسلم وخصوصاً إذا كان من بلدٍ فقير.
انظر الآن إلى احتقار الناس للهند والبلقان على مستوى الناس العامة، حتى إنهم يهزءون ويجعلون هذا مثلاً للغباء وللسذاجة، وهكذا يفعلون، والحقيقة إنني أتعجب فعلاً من هؤلاء الهنود المساكين الذين يدخلون المساجد للصلاة، يعني: نحن استهزأنا بهم، وسخرنا منهم وعاملناهم بسائر الإهانات، وهم مسلمون ويعلمون أننا مسلمون مثلهم، ومع ذلك إن دخلوا المساجد وصلوا تجد أحدنا يقول: يا مقرف! يا صاحب الرائحة الكريهة! اخرج.
صحيح إن بعضهم ذو روائح كريهة، لكن: ما هكذا يا سعد تورد الإبل، ليست هذه الطريقة، فنحن سواء كانوا مخلين بأشياء أو مستقيمين على أشياء نهزأ بهم باستمرار! كذلك تجد تصرفات لا شعورية من الواحد تخرج أحياناً تجاه عامل مسلم فقير مستضعف وربما أخرنا عليه الراتب وأهناه وخصمنا عليه وهو مظلوم، وربما يقبل قدميك لأجل أن يمسح سيارتك؛ لأن الكفيل يطالب بثلاثمائة ريال في الشهر، لو كان كافراً فإنه يستحق الإذلال والإهانة، لكن الظلم لا يجوز حتى على الكافر، لكن المشكلة أنه مسلم يشهد بأن لا إله إلا الله ويقيم الصلاة ويدخل المسجد.
كذلك إذا جئت إلى قضية تقديم الكفار على المسلمين في الوظائف؛ تجد العجب العجاب ونتائج واضحة للانحراف في مسألة الولاء والبراء.