وأما عزاؤنا في وفاة الشيخ فإن على رأس العزاء موت محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي قالت عائشة فيه:(فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم باباً بينه وبين الناس في آخر عمره، فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر، فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم، رجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم، فقال: يا أيها الناس أيما أحد من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي) رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح.
فعزاؤنا في موت الشيخ، أولاً: نتعزى بالمصاب الذي لقيناه ولقيته الأمة بوفاة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فكل مصيبة دونه تهون، وعزاؤنا في الطلاب الذين تركهم، والعلماء الذين خرجهم هذا الشيخ الفاضل، وهذه الكتب والرسائل التي سطرت علمه، فهو وإن رحل فإن علمه باقٍ وموجود فينا، ونحن مسئولون عن نشره وتبليغه، ومن حق الشيخ علينا أن نقوم بعد وفاته بنشر علمه وفضله ومناقبه، وأن نترحم عليه، وندعو له، ونتذكر بأسى وحزن أن أرقام الهاتف [٤٣٥٤٤٤٤] و [٤٣٥١٤٢١] في الرياض، و [٥٥٦٢٨٧٤] في مكة، [٧٤٦٠٢٢٣] في الطائف، لن يرفع الشيخ سماعته اليوم ليجيب.
كانت أسئلة الناس يفزع بها إلى الشيخ ليجيب، كانت الملمات تعرض على هذا المجتهد، كنا إذا داهمنا الناس بالأسئلة فزعنا إلى الشيخ نتصل به وننقل إجابته، فلن يرد علينا الشيخ بعد اليوم في المستجدات، ولكن العزاء فيما تركه من الفتاوى، وفي العلماء الذين تركهم خلفه، فما من عالم مشهور في البلد إلا وللشيخ عليه فضل ومنة.
ونتذكر برؤية جنازته تلك المشاهد العظيمة لجنائز علماء الإسلام، الذين قال السلف فيها: آية ما بيننا وما بين أهل البدع يوم الجنائز.
وسيصلي على الشيخ من الجموع الغفيرة من لا يحصى ولا يعد.