[مناقشة أسباب ترك النكاح]
ويترك الإنسان النكاح لأسباب كثيرة منها: أولاً: التبتل وزعم الانقطاع للعبادة.
ثانياً: عدم القدرة البدنية، أو المالية.
ثالثاً: لأن عنده طريقاً أخرى يسلكها لتصريف شهوته بالحرام.
أما بالنسبة للأولى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عدها بدعة، والذي قال من الصحابة: لا أتزوج النساء، قال له مجيباً: (من رغب عن سنتي، فليس مني) ورد النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون لما استأذنه في التبتل والاختصاء، قال الراوي: ولو أذن له لاختصينا، فنهت الشريعة إذاً عن قطع سبيل الإنجاب ووسيلته وآلته لتحقيق تكثير النسل.
قال ابن حجر رحمه الله: "والحكمة في منعه من الاختصاء: إرادة تكثير النسل ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك، لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار، فهذا خلاف المقصود من البعثة المحمدية".
وقد أنكر السلف على من ترك النكاح، وقال طاوس لرجل: لتنكحن، أو لأقولن لك ما قال عمر، قال: وماذا قال عمر؟ قال: [ما يمنعك من النكاح إلا عجزٌ، أو فجور] إذا رأيت شاباً قادراً على الزواج، وتأخرت به السن ولم يتزوج وهو قادر وليس هناك مانع، فما هو السبب؟ لا يمنعه إلا عجزٌ عن الوطء وهذا عيبٌ، أو فجورٌ، ولذلك تأخر به النكاح.
وقال الإمام أحمد: ليست العزبة من أمر الإسلام في شيء، والنكاح أفضل من التخلي للنوافل كما ذكر أهل العلم رحمهم الله.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج وعدد، وفعل ذلك أصحابه، ولا يشتغل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا بالأفضل، ولا تجتمع الصحابة على ترك الأفضل والاشتغال بالأدنى.
يا عباد الله! إن ترك النكاح ليس من أمر الإسلام، وأما تركه لعدم القدرة البدنية، فقال بعض العلماء: بوجهاته كما إذا كان به مرض ولا شهوة له، أو كبير السن طاعناً لا همة له في النكاح ولا حاجة، فلو تركه، فلا يعاتب على ذلك.
وأما المال، فإن الله سبحانه وتعالى قال: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٢] فليسع الشاب، فإن الله معه.
وأما ترك النكاح بسبب وجود طريق محرمة أخرى لتصريف الشهوة كالزنا واللواط وسائر الشذوذات التي انتشرت في هذا العصر، فمعروفٌ حكم ذلك والحدود التي جاءت الشريعة بشأنها.