حضر نصراني في مجلس هارون الرشيد، قال له هارون: ما يمنعك من الإسلام؟ قال: آية في كتابكم، قال: ما هي؟ قال: إن الله قال عن عيسى: {وَرُوحٌ مِنْهُ}[النساء:١٧١] وهذا يعني أنه جزء من الله، ونحن نقول: ابن الله، فلماذا أغير عقيدتي، وقرآنكم يقول هذا؟! فقال العلماء في مجلس هارون الرشيد: يا أمير المؤمنين إن الله يعلم أن هذا سيقول هذا الكلام ويحتج بهذه الآية، فأنزل في كتابه رداً عليه، قال: وما هو؟ قال: يقول الله عز وجل: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ}[الجاثية:١٣] الهاء تعود على الله عز وجل، فهل السماوات والأرض هذه جزء منه؟ هل (مِن) لا تفيد إلا التبعيض، أو لها وظائف أخرى في اللغة غير التبعيض؟ إذا قلت: جئت من المدرسة هل يعني ذلك أنني جزء من المدرسة وبعض من كل؟ لا، وهكذا، فقال: هذا عيسى من الله، أي: هو الذي خلقه، مصدر خلق عيسى من الله، فعيسى روحٌ منه وليس من العدم ولم يخلقه غير الله، إنه من الله عز وجل.