[إيقاع المسلم في الشرك الصريح]
من الآثار السيئة لهذه الأحاديث: إيقاع المسلم في الشرك الصريح، والكفر المخرج عن الملة، والردة عن الدين، والعياذ بالله مثل حديث: (من اعتقد أحدكم بحجرٍ لَنفَعه) لو اعتقدت أن هذا حجر يضر وينفع لنفعك، لا يوجد حجر ينفع! إن في هذا إرجاعاً للمسلمين إلى الجاهلية الأولى، إلى عبادة الأحجار، والأوثان، وفيه صرف للناس عن التوسل المشروع إلى التوسل غير المشروع.
فبدلاً من أن يقول الواحد مثلاً: يا ألله! إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام! ويسأل الله، يأتيه هذا الحديث، مثلاً: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) ونأتي نقول: نسألك بحق الأنبياء، نسألك بجاه محمد، نسألك بكذا وكذا، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم توسلاتٍ مشروعة، ولكن هذه الأحاديث لا تدع الناس يكملون التوسل المشروع بل تصرفهم إلى الشيء غير المشروع، بل إنها قد توقع الناس في الكفر، فمن جهة ترك الصلاة -مثلاً- حديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، أو لم يزدد من الله إلا بعداً) بعض الناس يقع في الفواحش؛ قد يشرب الخمر، قد يزني قد يسرق، قد يرتشي، فعندما يسمع هذا الحديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له) يقول في نفسه أنا لم أستطع أن أتخلص من الزنا إذاً: ليس لي صلاة، فلماذا أصلي؟! أعرف رجلاً قال لي بلسانه وكان رجلاً ضالاً ثم مَنَّ الله عليه فاهتدى: كنت وأنا ضال في البداية أصلي، مع أني أسافر وأفجر وأفسق لكني كنت أصلي، ثم سمعت هذا الحديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له) فقال: قلت في نفسي: إذاً لماذا أصلي إذا كان ليس لي صلاة وأنا مصمم على المعصية مصرٌّ عليها، إذاً: ليس لي حاجة لأن أصلي، وكلما أردت أن أصلي برز أمام عيني هذا الحديث فتركت الصلاة! لماذا ترك الصلاة؟ لهذا الحديث الموضوع المكذوب المنكر.
مثلاً: إيقاع الناس في قضايا تنافي التوحيد مثل: التشاؤم بالأزمان والتطير بها: (لا تسافر والقمر في العقرب) إذا صار القمر في برج العقرب فلا تسافروا فهذا السفر سيء، ولا تسافروا لأن نتائجه سيئة.
علي بن أبي طالب لما ذهب لقتال الخوارج، عرض له أحد المنجمين فقال: يا أمير المؤمنين! لا تسافر فإن القمر في العقرب، قال: [بل أسافر ثقة بالله وتوكلاً على الله وتكذيباً لك] وسافر فظفر على الخوارج وانتصر عليهم.
أو حديث: (من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة) لأنهم يتشاءمون بشهر صفر، فهي أحاديث مكذوبة توقع الناس، وأحياناً هذه الأحاديث المكذوبة تكون في أمورٍ تنافي الإيمان وتنافي مفهومه الصحيح، بل إنها تركب في أنفسهم مفاهيم للإيمان غير صحيحة، مثل: مفهوم المرجئة للإيمان، كالحديث المكذوب: (من قال الإيمان يزيد وينقص فقد خرج من أمر الله) (ومن قال أنا مؤمن إن شاء الله فليس له في الإيمان نصيب) كما لا ينفع مع الشرك شيء فكذلك لا يضر مع الإيمان شيء، فالناس يعتقدون أن الإيمان في القلب، وأن العمل غير مهم، لماذا؟ لهذه الأحاديث.
ولذلك مرة قلت لرجل: يا أخي! اتقِ الله قم صل الصلاة، لماذا لا تصلي؟ فأشار إلى قلبه، وكان هذا هو الجواب، لأنه يعتقد أنه يكفي أن يكون الإيمان في القلب ولا داعي للعمل! وقد تؤدي هذه الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة أيضاً إلى إنكار أشياء من العقيدة مثل حديث: (لا مهدي إلا عيسى) فماذا تكون النتيجة؟ إنكار أمر من أمور العقيدة وهو: المهدي الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، من أنه سيخرج في آخر الزمان عندما تمتلئ الأرض جوراً وظلماً.
الغلو بالأنبياء ورفعهم فوق المقام الذي أنزلهم الله عز وجل مثل حديث في تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها كحديث: (لولاك ما خلقت الأفلاك) لولاك يا محمد! ما خلقت الأفلاك، حديث مكذوب، وهو يعني أن الله لم يوجد السماوات والأرض ويخلق الناس لعبادته، لولا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلقهم، وهذا ينافي القرآن وظاهر القرآن، أو حديث (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) وهكذا.
حديث إحياء أبويه، بعض الناس من محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم عندما يعرف حقيقة تاريخية من أن أبوي الرسول صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر لا يعجبه، يقول: كيف أبو الرسول صلى الله عليه وسلم وأمه على الكفر؟! غير معقول! مستحيل! لا يمكن! إذاً ما هو الحل؟ هذا الحديث: (أحياء أبوي عرض عليهما الإسلام) فماتا بعد ذلك على الإسلام، وغير صحيح هذا، لماذا؟ نوح عليه السلام على ماذا كان ولده؟ وإبراهيم عليه السلام على ماذا كان أبوه؟ هل نفعه شيئاً؟ يؤتى بـ آزر يوم القيامة فيلقى في النار، فيرى إبراهيم عليه السلام أباه كذيخٍ ملتطخ مسخ ضبعاً، ثم يؤخذ بقوائمه فيلقى في النار، وهو أبو الخليل خليل الله إبراهيم، لأن هذا الدين -أيها الإخوة! - لا يحابي أحداً، لا ينفع إلا الإيمان والعمل الصالح.