قوله صلى الله عليه وسلم:(ويضرب جسر جهنم -جسر مضروب على متن جهنم- ثم يكلف الناس بالعبور) الآن المنافقون اختزلوا إلى النار، وبعد الخدعة إلى النار من بقي؟ بقي الموحدون، فيهم الفجرة، وفيهم أهل الطاعة والإيمان، فيهم فجرة من الموحدين لم يخرجهم فجورهم عن الإسلام، لا زالوا داخل دائرة الإسلام، لكنهم أصحاب معاصي وفسق، وبقي أهل الطاعة والحسنات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم) من الذي يقول؟ الأنبياء فقط.
الناس في صمت مطبق من هول الموقف، لا يتكلم يومئذ إلا الرسل، وكلامهم: اللهم سلم سلم، فقط لا غير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فأكون أنا وأمتي أول من يجوز) أول من يجوز ويقطع المسافة على هذا الصراط النبي صلى الله عليه وسلم -أولاً- ثم تقطع الصراط أمته خلفه، فإذا جاز هو وأمته جاز الأنبياء بأقوامهم.
جاء في حديث عبد الله بن سلام عند الحاكم:(ثم ينادي منادٍ: أين محمد وأمته؟ فيقوم فتتبعه أمته برها وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه العصاة الفجرة، فيتهافتون من يمين وشمال -يقعون في النار من يمين وشمال- وينجوا النبي والصالحون) وفي رواية: (فتفرج لنا الأمم عن طريقنا، فنمر غراً محجلين من آثار الوضوء، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم، ولا يتكلم إلا الأنبياء، فيمر المؤمن كطرف العين وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب) وفي رواية: (فيمر أولهم كمر البرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرحال، تجري بهم أعمالهم) بحسب الأعمال يكون الجواز والمرور، والسرعة تتناسب تناسباً طردياً بحسب الأعمال الصالحة، كلما كانت الأعمال الصالحة أكثر كلما كان العبور أسرع، والناس يتفاوتون في السرعة بحسب أعمالهم؛ فمنهم من يمر كالبرق، وهؤلاء أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولياء الله يجوزون كالبرق، ثم أناس كطرف العين، ثم أناس بعدهم كالريح، وأناس كالطير، وأناس كشد الرحال، وأناس كالسحاب، وأناس كانقضاض الكواكب، وأناس كشد الفرس، حتى يمر الرجل الذي أعطي نوره على إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، يجر بيد ويعلق يداً، ويجر برجل ويعلق رجلاً، وتضرب جوانبه النار، حتى يمر آخر واحد ويتعثر في المشي وتضرب جوانبه النار ويتكفأ به الصراط، يميل الصراط ويهتز به، وجاء في رواية:(كأسرع البهائم، حتى يمر الرجل سعياً ثم مشياً، ثم آخرهم يتلبط على بطنه فيقول: يا رب لِمَ أبطأت بي؟ فيقول: أبطأ بك عملك) الله عز وجل لم يبطئ به ولكن الذي أبطأ به عمله.