وقال ابن مسعود لأصحاب حلق الذكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: (إن قوماً يفقهون القرآن لا يجاوز تراقيهم) لا أجر ولا ثواب ولا انتفاع، لا يجاوز الحناجر والتراقي، وايمُ الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، هذه فراسة ابن مسعود رضي الله عنه فراسة عجيبة! يقول ابن مسعود: أظن القوم هؤلاء الذين أخبرني النبي عليه الصلاة والسلام عنهم، أنهم يقرءون القرآن ولا ينتفعون به، ولا يثابون ولا يأخذون منه شيئاً، مثل السهم إذا اخترق الغزال ونفذ من الطرف الآخر من سرعته وقوته، فإن السهم يخرج نظيفاً لم يعلق به من لحم وعصب الغزال شيء إطلاقاً، كما يخرج السهم من الرمية من قوس الصائد، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم.
يقول: لعل أكثر هؤلاء منكم أنتم يا أيها الذين تذكرون بهذه الطريقة المبتدعة، ثم تولى عنهم رضي الله عنه، فقال عمرو بن أبي سلمة: رأينا عامة أولئك يطاعنون يوم النهروان مع الخوارج، فعلاً حصل، وهؤلاء كانوا في عماد جيوش الخوارج الذين قاتلوا علياً والصحابة والصالحين من المسلمين في معركة النهروان، وكان معهم ذو الثدية وهو رجلٌ أسود، مقطوع اليد، في عضده مثل حلمة ثدي المرأة، علامة على أن هؤلاء هم جيش الخوارج، ولذلك علي بن أبي طالب طلبَ أن يلتمسوه في القتلى، حتى يطمئن أنه ما قاتل مسلمين وأراق دماء مسلمين، فبحثوا فما وجدوه قال: ما كذبت ولا كذبت، لا يمكن إلا أن يكون هذا موجوداً، فبحثوا وبحثوا ووجدوه تحت الجثث مقتفياً مقتولاً، وجدوه وآيته في عضده مثل حلمة ثدي المرأة وحولها شعيرة.
رجل أسود، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر علياً رضي الله عنه أنه سيقاتل قوماً هذه آيتهم، ذو الثدية وفعلاً قد كانوا هؤلاء.
إذاً أيها الإخوة: هذا التسبيح عبادة عظيمة قد يجعلها بعض الناس على هيئةٍ بدعية، لا يرضاها الله ولا رسوله، ولا شرعها الله ولا رسوله.